وهبت ابنتها الحياة قبل أن ترحل الى الأبد بسبب نزيف حاد اصابها اثناء خضوعها لعملية ولادة قيصرية… هي هنادي سيف ابنة طرابلس -وادي النحلة التي لم يتسن لها ان تكحّل عينيها بطفلة انتظرت تسعة اشهر ولادتها كي تحضنها وتكمل الطريق الى جانبها مع اشقائها الاربعة.
الرسالة الاخيرة
يوم الخميس الماضي دقت ساعة ولادة هنادي (37 سنة) التي وقبل دخولها غرفة العمليات ارسلت رسالة صوتية الى زوجة عمها تقول فيها انها “ستدعو الله ان يشفي ابنها من دون ان تتوقع انها هي من ستصبح بحاجة الى دعاء بعدما اصيبت بنزيف حاد” وفق ما قاله شقيقها غانم لـ” النهار” إذ شرح انه “سبق لهنادي ان خضعت لأربع عمليات قيصرية من دون ان يصيبها اي مكروه، كما ان حملها الخامس كان طبيعيا. كانت طبيبتها تتابع حالتها وهي من اجرت لها عملية ولادتها السابقة والحالية، لكن هذه المرة حجزت لها في أحد المستشفيات في طرابلس، حيث تبين انها غير مجهزة بغرفة عناية وآلات متطورة”.
نهاية مأسوية
أمنت عائلة هنادي وحدتي دم احتياط لابنتها قبل يوم من العملية، وقال غانم: “للاسف مختبر المستشفى يقع في الجهة المقابلة من الشارع، وعندما تعرضت هنادي لنزيف احتاج الممرضون وقتاً كي يحضروا وحدات الدم، خلال هذه الفترة نزفت كثيرا وتوقف قلبها قبل ان يعاد تشغيله”. أضاف: “عند الساعة الثانية عشرة والنصف انتهت العملية ووضعت هنادي مولودتها (التي اطلقنا عليها بعد وفاة شقيقتي الاسم نفسه)، لكن وضع شقيقتي كان سيئا للغاية ورفضت مستشفيات عدة في طرابلس ادخالها لتلقي العناية بحجة عدم وجود اسرّة فارغة، والحقيقة كونها ستدخل على نفقة وزارة الصحة، ما اضطرنا الى نقلها الى مستشفى حلبا .الا انه قبل وصولها كانت الروح تستعد للخروج من جسدها”.
جعبة المستشفى
ما حصل مع هنادي سببه بحسب غانم “استهتار واهمال، اضافة الى رفض بعض المستشفيات استقبالها، ومع هذا لم نرفع دعوى ضد احد حتى الساعة في انتظار ان تتوضح كل المعطيات”. وفي الوقت الذي رفضت طبيبتها التعليق على الموضوع طالبة مراجعة المستشفى في طرابلس، اكد مصدر في ادارة المستشفى لـ”النهار” انه “عند دخول هنادي الى الجراحة ظهر ان لديها حالة نادرة وخطيرة نسبة الوفاة بسببها كبيرة، وهي عبارة عن التصاق مشيمة الجنين برحم الام ، ومن اعراضها التشخيصية النزيف الحاد، وقد تابع المريضة 4 اطباء وتم اعطاءها 11 وحدة دم، ورغم توقف قلبها قمنا بانعاشها وسيطرنا على الوضع وعادت الامور الى طبيعتها لتحول الى مستشفى حلبا الحكومي لمتابعة الانعاش”. اضاف: “وصلت المريضة على قيد الحياة الى هناك، لا بل حالتها كانت مستقرة حيث كانت نبضات قلبها جيدة كذلك تنفسها، وكلفنا لجنة داخلية لمتابعة الموضوع، كما ان وزارة الصحة فتحت تحقيقا بالقضية”.
مبدأ خاطئ
على عكس ما ذكرته ادارة المستشفى التي توفت فيه المرأة، اكد مدير مستشفى حلبا الحكومي المهندس حسن المصري لـ”النهار” ان “المريضة وصلت على (آخر نفس)، وقد سلمت الروح فور ادخالها غرفة العناية”، شارحاً أنه “عندما تلقينا اتصالا من ادارة المستشفى لنقلها، سألنا عن وضعها وكان الجواب انه جيد وان المريضة تحتاج الى القليل من العناية. رحبنا بها لان مبدأنا هو عدم اغلاق أبوابنا بوجه اي مريض عندما يكون السرير مؤمنا، لنتفاجأ بان المريضة وصلت في حالة يرثى لها”، وقال: “المبدأ كله خطأ. نقلت هنادي من طرابلس الى عكار بدل نقلها الى احد مستشفيات طرابلس او جبيل او بيروت، والواضح ان خلفية نقلها ليست طبية واسعافية بل لتجنب اشكال مع عائلتها”.
الحقيقة الوحيدة الى الآن هي ان خمسة اطفال حرموا حنان والدتهم وسيعيشون بقية حياتهم ايتاماً بلا حضن دافئ!