تستعد الساحة الداخلية اللبنانية لانتخابات نيابية بنكهة تفضيلية تجعل مرشحي الاحزاب والتيارات رهن الصوت التفضيلي، بعدما انفرط عقد فريقي 8 و14 آذار، وباتت التحالفات تحصل على “القطعة” لتجنب ضمور الفاعلية في مجلس النواب.
لا يخفى على البعض وجود صعوبة في عملية اقتراع الناخبين الذين هيمن على اذهانهم النظام الاكثري، وهم يحاولون استيعاب القانون الجديد الذي يرى فيه البعض انه قام بتضييق الحرية على المقترعين، لولا ايجابية واحدة تتمثل بالصوت التفضيلي لهم، ولبعض المرشحين، رغم امنيتهم باضافة شقيق له ليتوسع هامش حرية الاختيار.
القانون ولد، وبانتظار الاحتفال بمعموديته في ايار المقبل هناك بعض الامنيات قد تصبح حقيقة، تتمثل بامكانية اجراء تعديلات بسيطة على هذا القانون الذي بات يشكل عقبة تجاه العديد من التحالفات والتي انقلبت بشكل جذري، لاسيما ما حصل بين “تيار المستقبل” والتيار الوطني الحر” الّذي يزداد عوده صلابة، في حين ان تفاهمه مع “القوات اللبنانيّة” يترنح في وقت اصاب الهزال العلاقة المتينة التي تربط الاخيرة مع “التيار الازرق” ولكن قائد القوات سمير جعجع يواظب على اعلان اسماء العديد من مرشحي حزبه الذين سيخوضون معركة الانتخابات النيابية لتثبيت دعائم حضورهم في بعض الدوائر.
وهنا لا بد من المرور على دائرة جزين-صيدا التي تشبَه بيت العنكبوت. وتحولت من خلال القانون الإنتخابي الجديد الى “دفّ مفخوت”، جغرافيا قسمت كالسندويش شاطر ومشطور وبينهما قضاء الزهراني الذي سحب الى قضاء صور وهو الذي يقارب عدد الناخبين المسيحيين فيه الـ28 الف ناخب مسيحي. ميدانيا ستكون الدائرة مكانا واسعا لضرب الخناجر في الخواصر بين ابناء الحزب الواحد والتيار الواحد، كل ينادي على التفضيلي وبعده لا هم ينبت الحشيش أم لا. جزين-صيدا ابرز المواقع الكاشفة بوضوح خلل القانون، ومنه تنطلق حروب الرفاق في جزين او بين الاخوة الزرق في صيدا.
يضاف الى ما تم ذكره يبدو ان المعضلة الجديدة القديمة، وهي عدم قابلية اندماج المواقف بين رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري ومواقف التيار، والتي تشبه مزج المياه بالزيت، وما زاد الامور تعقيداً الخلاف الذي استجدّ بعد هدنة متقطعة الا وهو مرسوم ترقية الضباط.
الى الان تبدو الصورة غير واضحة رغم وضوح بعض التحالفات، لكن رياحها لا يمكن ان تسير وفق اهواء القانون وبنسبة كبيرة على المسيحيين يليهم السنة، لان الناخبين الشيعة “مرتاحون على وضعهم” كما تصف مصادر متابعة للانتخابات في هذه الدائرة الجديدة.
فالمسيحيون لديهم مقعدين مارونيين ومقعد كاثوليكي يشكلون عنصر خلاف حتى داخل الحلف الواحد والحزب الواحد، وسيكون له تداعيات على النتائج لناحية نسبة عدد الاصوات، فالتيار الوطني الحر لديه عدة مرشحين منهم من لم يدخل تحت قبة البرلمان، وابرزهم جاد صوايا، نقولا حجار، سليم خوري، ومرشحين اخرين اشتدت حرارة التباينات بينهما وهما النائبين زياد اسود وامل ابو زيد الذي نال 14 الف و400 صوت في الانتخابات الفرعية، وهو كان يومذاك مدعوما من معظم القوى السياسية، لكن الامر اليوم يختلف عن السابق لان حلفاء الامس سيكونون ربما ابرز المنافسين. فالقوات اللبنانية التي رشحت عجاج حدّاد قد “تجيّر” اصوات ناخبيها اذا لم تتمكن من تأمين تحالفات تضمن لها الفوز.
رغم تشابك وتشعب التباينات والخلافات، يكتسب قضاء جزين اهمية خاصة لدى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي ولد في ربوع حي خرخيا في بلدة المكنونية، من خلال رعايته له منذ تأسيس التيار واثناء توليه قيادة الجيش، لذا فان المساعي على قدم وساق لتجنيب القضاء تجرع كأس التفرقة، لاسيما بين اسود وابو زيد، مع دخول المرشح صوايا ضمن نادي المرشحين الذين تمت تزكيتهم بشكل واضح، وبذلك يبدو ان “الصراع العائلي” دخل على خط هذه الانتخابات التي يبدو ان النائب زياد اسود بدأ بدفع اثمانها، والذي سبق له ان تعرض للكثير من المضايقات اثناء نضاله في صفوف التيار منذ يناعة الاخير.
لذا تبدو الامور متجهة الى 3 لوائح احداها للمستقلين، لاسيما وان المقعدين السنيين سينالان حصتهما من التنافس بين مرشحين اساسيين، النائبة بهية الحريري، اسامة سعد وعبد الرحمن البزري الذي يبدو انه سيكون ضمن لائحة المستقلين التي يسعى اليها القائد السابق للدرك صلاح جبران، وهنا يطرح السؤال هل يمكن ان تكون القوات اللبنانية احد اعمدتها؟.
يرى ان البعض ان هناك مخرجا قد يشكل “باب الفرج” للبعض في حال تم اعتماد الصوت التفضيلي على اساس الدائرة، ولكنه سيكون له محاذير على البعض الاخر وتحديدا في دائرة الشمال.
المصدر : ميسم رزق – الاخبار |