يُسجل مرة جديدة إنجاز طبي ببصمة لبنانية. هذه المرة كانت الوجهة اوروبا الشرقية حيث قام الطبيب اللبناني خضر فقيه مع فريق طبي باستئصال ورم خبيث في وجه إبن 16 عاماً وزرع فك جديد عبر تقنية الـ3D.
6 ساعات داخل غرفة العمليات نجح فيها الاطباء في انقاذ حياة الفتى الذي استرجع حياته الطبيعية في خمسة ايام. فماذا يقول الطبيب اللبناني المغترب عن هذه الجراحة؟ وكيف نجحوا في احراز هذا الانجاز الطبي عبر استخدام تقنية ثلاثية الأبعاد؟
يؤكد الطبيب والأستاذ المحاضر في أكاديمية الطب في قسم جراحة الفك والوجه في بلغاريا خضر فقيه لـ”النهار” انه “يرتكز عملنا اليومي بشكل كبير على استئصال الاورام الخبيثة في الوجه. ان عملية استئصال السرطان عمل جراحي يومي لكن القيمة المضافة لهذه الجراحة تكمن بإنجاز فك جديد عبر أحدث الطرق العلمية باستخدام تقنية ثلاثية الأبعاد 3D . تعتمد التقنية على بناء المناطق الضائعة بدقة مليمتر وإعادة تركيب الفك وتقويم الأعضاء وبناء الخلايا الحديثة. ويعتبر هذا الانجاز الاول من نوعه بفضل التقنيات الحديثة للتقدم الطبي في هذا المجال.”
ويستطرد قائلا “تتوافر تقنية الـ3D في دول اوروبا الشرقية لكن استخدامها لزراعة فك جديد شكّلت بحدّ ذاتها الانجاز الطبي الاول في بلغاريا”.
ورم خبيث يتهدد حياته
نجح فقيه في اعادة وظيفة الأعضاء وعودة المريض الى حياته الطبيعية بعد 5 ايام على الجراحة، وكل ما تبقى من أثر العملية جرح بسيط لا يتعدى بعض السنتيمترات. يشير فقيه الى ان “الورم تعدى مساحة كبيرة من وجه الفتى وبدأ يُشكل خطراً على عملية التنفس، ما عرض حياته للخطر واستدعى التدخل سريعاً”.
“من النادر الاصابة بسرطان الوجه في عمر الـ16 عاما كما هي الحال مع هذا الفتى”، وفق فقيه “لكنه استرجع حياته الطبيعية وهو اليوم يمارس رياضة كرة القدم وغيرها من الأنشطة. ” برأي الطبيب اللبناني المغترب “علينا ان نعرف ان السرطان قد يُصيب اي خلية في الجسم، كل الأعضاء والخلايا معرضة للإصابة به. اما عن اعراض الورم السريع التي ظهرت على الفتى فيمكن تلخيصها بالآتي: بداية كان الورم عند المريض في الفك السفلي من جهة اليمين ثم انتقل نحو المفصل وصولا الى ظهور الانتفاخ الخارجي وتأكل للعظم والأنسجة والعضلات في الداخل ومن ثم انتفاخ وضغط على بداية عبور التنفس نحو الرئتين، ما دفعنا الى اجراء الجراحة بأسرع وقت ممكن”.
6 ساعات تحت العملية… والنتيجة مذهلة
في حديثه عن الجراحة، يشدد الاستاذ المحاضر على” مدى حساسية العمل في منطقة الفك والوجه بسبب عبور العديد من الاوردة الدموية المتصلة بالدماغ. يتطلب هذا النوع من الجراحة دقة كبيرة لأن استئصال الورم الخبيث يجب ان يكون جذرياً ، لذلك نضطر الى استئصال الانسجة المجاورة لضمان عدم معاودته . هذه الحساسية نواجهها يومياً في عالم الطب. لم يكن الموضوع فقط في استئصال السرطان وانما في استئصال الفك والانسجة المجاورة، وقد اعادت تقنية 3D بناء تفاصيل الوجه”.
مضيفاً “نأخذ الصورة الشعاعية للمريض ونرسلها الى الجهاز الذي يقوم بإعادة بناء الرسم الجديد بكل دقة لوجه المريض وشكله وتكوين الأعضاء السابقة. إن تقينة الـ3D تعطي صورة تفصيلية للفك الجديد الذي تساعدنا في عملنا الجراحي وتختصر من وقت الجراحة. فكلما كانت مدة العملية اقل، استعاد المريض نشاطه بشكل اسرع وتجنب المضاعفات”.
6 ساعات لإستئصال وزراعة الفك الجديد، والنتيجة النهائية كانت مرضية وناجحة. هذه الجراحة ليست محصورة فقط بالأورام الخبيثة وانما تطال التشوهات الخلقية في الوجه من خلال اعادة بنائه وترميمه من جديد. وهذا امل جديد لكل من يعاني من هذه التشوهات والامراض الخبيثة لاسيما في منطقة الوجه. أكثر من 25 سنة تدريس في اكاديمية الطب في جامعة صوفيا، له العديد من الأبحاث والمحاضرات في اوروبا ومشارك في انجاز اكثر من 6 كتب علمية تدرس في الكلية. وقد تناولت ابحاث الطبيب المغترب مسألة اعادة ترميم الوجه “والحمدلله اننا استطعنا ان نتوصل الى هذا الانجاز”.
ليلى جرجس – النهار