“لا أريد التعاقد مع لاعبين جدد ولا حتى حارس مرمى”، بهذه الكلمات رد زيدان على الصحفيين والجماهير وأراد بذلك توجيه رسالة إلى لاعبيه مفادها أن الثقة بهم تامّة. إلا أن حسابات الحقل تختلف عن حسابات البيدر وزيدان بدأ ينكشف تدريجيًا بفعل لاعبيه.
وقع زيدان في الفخ، وكأن اللاعبين الذي رسموا لزيدان الخطوط العريضة للنجاح في آخر سنتين قرروا أن يُظهروا وجهًا آخر للصلعة البيضاء، وجهًا يكشف العقم التكتيكي للرجل الذي بإدارة قطع متناسقة لسنتين، وما لبث أن انهار فور توقف إحداها عن العمل.
بالأسماء ومن دون مواربة: مارسيلو بات كارثة على الجهة اليُسرى تجلت بأبها حُللها في مواجهة سيلتا فيغو، في الدفاع لا يكاد ريال مدريد أن يمتص خطأ ساذج ليقع اللاعبون بخطأ آخر، في وسط الملعب كروس ومودريتش لا يعرفان عن الضغط على الخصم سوى أنه أصبح من الماضي وكاسيميرو أظهر كل قدراته المنفصلة عن تسجيل الأهداف، فهو ليس لاعب الارتكاز العصري الذي كان منذ موسم، يبقى إيسكو المُتهم الثاني الأجمل في الملعب، فيما كريستيانو يُغرد خارج السرب حيث يحتاج في كل مباراة إلى أن يضع شعار دوري الأبطال على قميصه ليُسجل.
في شوط المدربين (الشوط الثاني) يسقط زيدان في مباراة تلو الأخرى، فتقرير أصدرته الماركا يُظهر أن نتيجة الشوط الأول تمنح ريال مدريد 39 نقطة وتضعه في صدارة الترتيب على جميع فريق الليغا والعدد هو 7 نقاط إضافية خسرها النادي الملكي في الشوط الثاني من المباريات. وفي الوقت الذي سجل ريال مدريد 23 هدف ودخل مرماه 6 في الشوط الأول، فإن شباكه اهتزت 10 مرات في الشوط الثاني وسجل 9 أهداف.
تُشير هذه الأرقام إلى العديد من العناوين والتي أشار زيدان إلى قسم منها “يجب أن نلعب الشوط الثاني، يجب أن نلعب لمدة 90 دقيقة”، إلا أن المشكلة ليست فقط باللاعبين، زيدان نفسه هو المسؤول عن إدارة المباراة، والعلامة الفارقة الأهم يمكن تفسيرها بأمرين: الأول هو الأرهاق البدني الذي حاول زيدان أن ينفيه والثاني هو الرغبة المفقودة لدى اللاعبين وبالتالي فإن عنصر الحافز بات غائبًا عن فريق فاز بكل شيء لسنتين وأوّل نقطة ينعكس فيها هذا الأمر هو الاستهتار الدفاعي.
الانهيار الذهني كشف زيدان تكتيكيًا، وباتت ردود أفعاله على مقاعد البدلاء غير محسوبة في محاولة إلى حل مشكلة الشوط الثاني التي بات يراها قادمة قبل أن تبدأ المباراة، فالتبديلات في مواجهة سيلتا فيغو جاءت كالضربة القاضية للريال نفسه بدلًا من أن تكون لسيلتا، فقرر زيدان أن يتحول من 4-4-2 إلى 4-3-3 في مباراة مُتقدم فيها وأن يخسر لاعبين قادرين على الإمساك بالكرة في وسط الملعب وكل هذا لكونه مقتنعًا بأن إيسكو صانع الألعاب ومودريتش لا يضغطان بشكل جيد، وإذا كانت النقطة التي حول مودريتش صحيحة، فإن هناك كوارث لم يتعامل معها زيدان في أرض الملعب، فلم يجرؤ على إخراج رونالدو واستبدل بيل ولم يمسَ بكارثة مارسيلو التي شكلت شوارع لسيلتا على الجهة اليُسرى.
يفشل زيدان بالتعامل مع التوازنات في ريال مدريد، يفشل في الموازنة بين الشوطين ويفشل في الموازنة بين الاحتياطيين والأساسيين ويفشل في الموازنة بين النجوم والحاجة، كل ما اشتهر به زيدان بات يُمكن تلخيصه بجملة واحدة “لقد وقعنا في الفخ”.