استأثرت التطورات الأمنية الأخيرة باهتمام المعنيين ولا سيما الإنجاز الأمني لفرع المعلومات، وحيث وعلى الرغم من أهميته، وصولاً إلى الحرفية التي يتمتع بها هذا الفرع، فإن المسألة قد لا تكون مفاجئة لدى بعض القيادات اللبنانية والفلسطينية، حيث بحوزتهما الكثير من المعلومات حول الخلايا الإرهابية النائمة، وتحديداً تلك التي فرّت من معارك جرود عرسال وبعض المناطق السورية، والتي اتخذت من المخيمات الفلسطينية مكاناً للإقامة وصلاً إلى بعض القرى والبلدات الجبلية، والتي هي موضع مراقبة حثيثة.
أما السؤال لماذا في هذا التوقيت، ولا سيما المؤتمر الصحافي لوزير الداخلية نهاد المشنوق، فإن مصادر متابعة لما يجري وواسعة الإطلاع تؤكد بأن هناك أموراً كثيرة لم تكشف، وأيضاً لم يتم التطرّق لها في المؤتمر المذكور لجملة اعتبارات ودواع سياسية ومخابراتية، وبمعنى أوضح على أبواب الإنتخابات النيابية، حيث هناك تداعيات ورواسب لزعامات وقيادات لبنانية ربطاً بالحرب السورية، وليس بوسع أحد أن يدخل في تفاصيل ما يجري، أو كشف ما تورطت به هذه الجهة أو تلك، فهذه الحرب وتداعياتها، وخصوصاً أحداث عرسال وصولاً إلى معركة «فجر الجرود».
وتعتقد هذه الأوساط بأن بعض الزعامات والقيادات السياسية والحزبية يؤكدون ويجزمون بأن الإنتخابات النيابية ستحصل في موعدها، إلا اذا حصلت عملية اغتيال لشخصية سياسية لبنانية كبيرة، أي أن يحصل حدث كبير. وفي هذا السياق، ترى أن في الإشارة إلى عملية الإغتيال دلالات كثيرة ورسائل سياسية وأمنية من جهات إقليمية لها علاقة بالملف اللبناني، وكل ذلك يدخل في سياق الحرب السورية والكباش السعودي ـ الإيراني، وبالتالي، فإن الحديث عن اغتيالات ليس كلاماً سياسياً أو إشارة إلى تطيير هذا الإستحقاق إذا كان هناك من ظروف ودواع تستلزم ذلك، لأن المعلومات المتقاطعة تؤشّر إلى أن هذه الإغتيالات قد تعود إلى الساحة اللبنانية، ومن هذا المنطلق علم أن بعض الشخصيات السياسية والحزبية بدأت تتّخذ إجراءات أمنية مشدّدة، ومنهم من عاد يستخدم السيارات المصفّحة، لأنه وفي حال عاد هذا المسلسل الدموي فإن الإنتخابات النيابية ستكون في مهب الريح، وبالتالي سيطير هذا الإستحقاق، وقد أكثرت بعض التقارير والتحليلات من الإشارة إلى هذه القضية، لأن هناك من يراهن على تأجيل الإنتخابات لجملة اعتبارات وظروف باستثناء بعض القوى السياسية، بينما ما يعزّز هذه المخاوف هو عودة تحريك هذه الخلايا النائمة وإيقاظها من جهات إقليمية، وما عزّز أيضاً هذا الإعتقاد السائد إنما تمثّل بانفجار صيدا الذي كان بمثابة رسالة أمنية وسياسية متعدّدة الجوانب.
وعليه، وبعد هذه الحادثة، فإن الكثيرين ممن يملكون المعلومات يرون أن الأمور لن تقف عند هذا الحدّ، وخصوصاً بين وفدي النظام السوري والمعارضة لمتابعة المفاوضات بينهما، ومن ثم التوتر الأميركي ـ الروسي، كذلك ما يجري في شمال سوريا، فكل هذه العناوين تبقي الساحة اللبنانية عرضة للأخطار، ولكل أشكال المسّ بالإستقرار، وما اجتماع مجلس الدفاع الأعلى يوم أمس الأول إلا دليل بأن الأمور قد تخرج عن مسارها، ولا بد من تعزيز الإجراءات الأمنية، ولا سيما في هذه المرحلة، لأن أي حادث أمني كبير سيطيح بالإستحقاق الإنتخابي، وهذا أمر خطير في حال حصل تأجيل جديد، لأن البعض لديه حسابات سياسية واستحقاقية على خلفية أي تطورات قد تحصل من سوريا إلى إيران ومن ثم إلى لبنان.
الديار