في مجتمعنا اللبناني، ما زال الزواج المختلط يطرح إشكالية شائكة سواء داخل العائلة الواحدة او في المجتمع والوطن. ورغم أن العيش المشترك في بلدٍ متعدّد الطوائف كلبنان، استطاع تقريب القيم الدينية والاجتماعية ما بين الدين الاسلامي والمسيحي وكذلك كافّة الطوائف والمذاهب الأخرى، خصوصا وأن المناطق اللبنانية غالباً ما تكون مختلطة وليست من لون واحد، الا أنّ التباين في العادات والتقاليد والثقافة كبير جدا الأمر الذي يجعل الموضوع اكثر تعقيدا فينشأ عنه خلافات ما بين الأزواج تؤدي في معظمها الى الفشل. ما هو الزواج المختلط؟ وما هي الأسباب التي تجمع بين شخصين من دين مختلف؟
الزواج المختلط بتعريفه هو الزواج الذي يختلف فيه الزوجان ديانة ومذهبا وجنسية، ويكون عادة مبنيّاً على علاقة حبّ تنشأ ما بين الطرفين تجعلهما يغضّان النظر في المرحلة الاولى عن الاختلاف بينهما ولكن سرعان ما يعود الواقع ليفرض نفسه مجددا فيبدأ الثنائي بمواجهة سلسلة من العقبات التي تعترض الحياة الزوجية عندما يظهر التضارب في القيم المرجعية.
وضمن فقرة من حلقات “هوا الحرية “، استضاف مقدّم البرنامج في ستديوهات الـLBCI امرأة وقعت ضحية الزواج المختلط في سنّ مبكّرة متجاهلة الفروقات الدينية والاجتماعية والثقافية، فكانت النتيجة تشتيت عائلة وحرمان من الأولاد!
يارا، أم لولدين اختارت في عمر الـ 16 سنة تزويج نفسها من “إسراء” ابن منطقة المنية شمال لبنان، رغماً عن ارادة اهلها، فهربت معه، وكان ثمن الحبّ سنوات من التعذيب قضتها المرأة الصغيرة تعضّ اصابع الندم على قرار اتخذته لحظة رعونة فحوّل حياتها الى جحيم. ومن مرارة القهر والتعنيف استطاعت يارا أن تلوذ بالفرار مجددا ولكن في هذه المرة الى بيت أهلها. وبعد اختطاف ابنتها من قبل زوجها ومواراتها عن الأنظار لمدّة طويلة، باءت مساعي يارا لاسترجاعها بالفشل، ومع مضيّ اربع سنوات على تلك المحاولات، لا تزال الأم ضحية للفلتان الأمني وعدم تطبيق القوانين، وأسيرة “للبلطجة” والرشاوي و”الوسايط”.
“الله لا يجرّبنا… الدني إم” بهذه العبارات اشتعل موقع “تويتر” عبر هاشتاغ #هوا_الحرية، بحيث انتشرت تغريدات كانت في غالبيتها من قبل نساء لامست حالة يارا عاطفة الأمومة لديهن وأثارت مشاعرهنّ فأكّدنَ على المطالبة بإعادة الطفلة الى حضن أمّها في حين نشط اخرون في مناشدة الدولة اللبنانية بضرورة نشر التوعية حول موضوع الزواج المبكر وبفرض قانون يمنع زواج القاصر. عاصفةٌ من الاستعطاف والتضامن هبّت على مواقع التواصل الاجتماعي، فاعتبر الناشطون أنه مهما كانت ديانة الأم ومهما كان انتماؤها، لا يجوز حرمانها من مشاهدة اولادها ان لم نقل حضانتهم تحت أي ضغط او ظرف، وكذلك للأب ايضا الحق نفسه، وعلت الأصوات مطالبة “اسراء” زوج يارا بالابتعاد عن المنطق العشائري والطائفي في تسوية الأمور، وذلك بعدما شاهدوا فيديو مصوّر تقول فيه والدة الزوج ان “الطائفية” هي اصل الخلاف.
يقول الناشط “حسين” في تغريدة له عبر حسابه الخاص: طالبنا بقانون يمنع هذا النوع من الزواج ومن دار الافتاء تحديدا، والملف في الدرج والنتيجة مجتمع يعاني من خلل على المدى الطويل”. فعن أي نوع من الزواج تحدّث “حسين” يا ترى؟ هل عن زواج القاصر أم الزواج المختلط؟ وما هو رأي الدين والمجتمع في هذا الزواج؟ وما هي المتغيرات التي تطرأ على هذا الزواج وأثرها على شخصية الأطفال؟
– لبنان 24