جاء في صحيفة “الراي الكويتية”: عشية ختام العام الثالث لاندلاع” ثورة ١٧ تشرين”والمتزامنة مصادفةً مع انتهاء ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون نهاية الشهر الحالي، تشكّل ظاهرة قفْل المصارف أمام الزبائن وقصْر التعامل مع غالبيتهم الساحقة عبر»الصرافات الآلية” وهو ما بدأت جولته الثانية يوم الجمعة بعد تكرار عمليات الاقتحام للعديد من فروعها من مودعين غاضبين، عنواناً صارخاً للدرْك الذي بلغتْه البلاد، بفعل الموجات المتلاحقة للتدهور النقدي والمالي، وما تولّده من تداعيات كارثية على المستوييْن الاجتماعي والمعيشي بعدما تسلّم لبنان ريادة مستوى الفقر في المنطقة الى جانب الصومال واليمن وسورية وسواها من البلدان التي تعاني صراعات مريرة وتبديداً منهجياً للمقدرات الاقتصادية ولمجمل مكوّنات الناتج الوطني
.
فالثابت في الوقائع حقيقة وجود فجوة مالية تقدّرها الحكومة بما لا يقل عن 75 مليار دولار. والواضح في الخلفية التراكُمُ المسبق للدين العام الى حدود 105 مليارات دولار، تَكَفَّلَ الانهيارُ المستمرّ بتذويب 95 في المئة من نحو ثلثيه المحرَّر بالليرة، لتنحدر المبالغ المتوجبة تلقائياً من نحو 61 مليار دولار إلى أقل من 2.5 مليار دولار، وفق سعر الصرف الرائج قريباً من 40 ألف ليرة لكل دولار. فيما يبلغ اجمالي الديون المحرَّرة أساساً بالعملات الأجنبية نحو 39 مليار دولار، كاجمالي أصول وفوائد مستحقة.
ويُظْهِر التحليل الفوري لهذه الأرقام، أن الدولة تتصدّر قائمة الرابحين رقمياً من الأزمات العاتية التي تضرب البلاد بلا رحمة ومن دون فواصل استراحة حتى. فأرقام الدين العام «الرسمية» تقلّصت، ومن دون جهد يُذكر، من نحو101 مليار دولار غير شاملة لمستحقات فعلية تزيد عن 5 مليارات دولار، إلى أقلّ من 43 مليار دولار، بينها نحو 37 ملياراً من سندات الدين الدولية (يوروبوندز) خاضعة لقرار الحكومة السابقة في ربيع 2020 بتعليق دفْع كامل مستحقاتها، ريثما يجري التفاوض «المعلّق» مع الدائنين الموزَّعين بين البنك المركزي والمصارف والمستثمرين الأفراد محلياً، وبحصةٍ أكبر لصالح شركات وصناديق استثمار دولية.