الرئيسية - أبرز الاخبار والتحقيقات - في لبنان: مطاعم الفلافل والشاورما والفول.. تقفل إفلاساً…إليكم التفاصيل

في لبنان: مطاعم الفلافل والشاورما والفول.. تقفل إفلاساً…إليكم التفاصيل


كانت وجبتا الشاورما والفلافل في قائمة الوجبات السريعة الأكثر شعبية في لبنان، ليس فقط بسبب ثمنها الزهيد نسبياً، ولكن لتوفرها في جميع المناطق والأحياء. هذا الواقع لم يعد قائماً اليوم. فأسعار اللحوم ارتفعت من 35 ألفاً للكيلوغرام في 2019 إلى ما بين 185 و200 ألف. أي نحو 60 بالمئة، ما أجبرت أصحاب مطاعم كثيرة عن العزوف عن شراء اللحوم وبيعها سندويشات شاورما. ففي العاصمة بيروت، تكاد تختفي هذه الوجبة، وإن وجدت فسعرها يتخطى 37 ألفاً.

وقد تكون عبارة “بعد العام 2019 ليس كما قبله”، الأكثر تداولاً بين أبناء الطبقات الفقيرة والوسطى، خصوصاً الذين يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية. والتغييرات الهيكلية التي طرأت على الاقتصاد اللبناني بعد 2019 أثرت بقوة على أسعار السلع الاستهلاكية ونمط حياة اللبنانيين.

ورغم أن معظم المأكولات الشعبية لا علاقة لها باستيراد السلع المدولرة، ولا تخضع مباشرة لهامش تقلبات العملة، فإن أسعارها قفزت على نحو جنوني، وصارت تحسب على سعر صرف الدولار، وهذا ما جعلها بعيدة عن موائد اللبنانيين، وأدى إلى إقفال مطاعم كثيرة.

إقفال مطاعم شعبية
أقفل رامي عبود -مؤسس مطعم “سناك البلد” المتخصص بالأكلات الشعبية، ولا سيما سندويشات الشاروما- مطعمه، بعد ارتفاع سعر اللحوم. وهو يوضح لـ”المدن” كيف تحركت أسعار المواد التي يشتريها لمطعمه من هامش 10 ملايين ليرة أسبوعياً، إلى أكثر من 100 مليون ليرة. ويقول “كانت قائمة مشتريات المواد الأولية من لحوم وتوابل وخبز، من العناصر المكونة لوجبة الشاورما. ولكن منذ آذار الماضي ارتفعت كلفة هذه المواد تدريجياً إلى 35 مليوناً، فـ70 مليوناً، حتى وصلت إلى عتبة 100 مليون ليرة أسبوعياً، فوجدت من الأفضل إقفال المطعم”.

ولا تختلف قصة عبود عن حال أحمد عاشور، صاحب مطعم فول وحمص في منطقة الطريق الجديدة. فهو فضل أيضاً إقفال أبواب مطعمه منذ ما يقارب 6 أشهر، وعرضه للبيع. ويقول لـ”المدن”: “بعدما أمضيت أكثر من 15 عاماً في هذا المطعم، أصبحت مكرهاً على إقفاله، لأنني لم أعد قادراً على تأمين المواد الأساسية بسبب ارتفاع أسعارها”.

شعب بلا أكل شعبي
أعتاد سكان العاصمة بيروت، وخصوصاً في أيام الأحاد، على تناول وجبة فول وحمص ومسبحة وفتة. وهذه لم يكن سعرها يتعدى 7 آلاف ليرة للطبق الواحد. أما اليوم فيبلغ سعر الطبق نحو 50 ألف ليرة. أي أن عائلة من 4 أفراد، تحتاج ما لا يقل عن 200 إلى 250 ألفاً، لتناول وجبة الفطور. وتقول منيرة كركي (موظفة في إحدى مستشفيات لبنان) إن راتبها الذي لا يتعدى مليون و 200 ألف ليرة، لا تستطيع تناول الفلافل حتى، بعدما وصل سعر الدزينة (12 قراصاً) إلى ما يناهز 75 ألفاً، فيما لم يكن سعرها يوازي 3500 ليرة.

لقد بدل الانهيار اللبناني نمط حياة فئات عظمى من اللبنانيين، خصوصاً من يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية. وتشير ماي هاشم (مدرّسة في التعليم الثانوي) إلى أن شراء منقوشة زعتر أو جبنة يومياً، يحتاج إلى راتب آخر يضاف إلى راتبها. فسعر المنقوشة -وهي رمز تقليدي للمأكولات الشعبية- ارتفع إلى 12 ألفاً ووصل إلى 18 ألفاً. أما منقوشة الجبنة، فتخطى سعرها 20 ألف ليرة. وهذه الأسعار تتطلب ما لا يقل عن 300 ألف ليرة لبنانية شهرياً، فتوازي ربع الراتب الذي يتقاضاه معظم موظفي القطاع العام.

تتنوع الأكلات الشعبية في لبنان، بين الفول والحمص المسبحة والفلافل والشاورما والمناقيش والكنافة. ولكن جولة سريعة لمقارنة نسبة ارتفاع الأسعار خلال العاميين الماضيين، تظهر أن ارتفاعها تخطى عشرات أضعاف. وبحسبة بسيطة ارتفع سعر سندويش الفلافل من 1500 ليرة أو 2500 ليرة إلى 30 ألف ليرة، أي أن بنسبة ناهزت 750 بالمئة.

وارتفع سعر سندويش شاورما اللحمة من 6500 ليرة إلى 37500 ليرة. أما سندويش شاورما الدجاج فارتفع من 4500 ليرة إلى 28 ألف ليرة. وسعر سندويش البطاطا ارتفع سعره من 2000 ليرة إلى 20 ألفاً. وأطباق الفول والحمص والمسبحة، ارتفع سعر طبقها من 5000 ليرة و7500 ليرة إلى ما بين 55 ألف ليرة و75 ألف ليرة. قد تكون أسعار المناقيش الباعث الأكبر للدهشة. فقد ارتفع سعرها من ألف ليرة (منقوشة الزعتر) إلى 12 ألف ليرة، أي 12 ضعفاً. أما سعر منقوشة الجبنة فارتفع من 3 آلاف ليرة إلى 18 ألفاً.

وإذا أردنا الحديث عن أسعار البيتزا التي كانت تباع في الأفران العادية، فقد ارتفع سعرها من 9 آلاف ليرة إلى 70 ألف ليرة. والحجة هي إياها: ارتفاع أسعار الغاز والمواد الغذائية الأساسية، وخصوصاً الطحين.

صحيح أن بعض الأصناف قد تكون مرتبطة بشكل ما برفع الدعم، أو بفقدان المنتجات. لكن المناقيش أو البيتزا المحلية، لا مبرر لرفع أسعارها، لأن معظم موادها تصنيع في لبنان.

مفارقة عجيبة
فيما يعيش فيه لبنان أزمة اقتصادية مدمرة، ترتفع الأسعار بلا أي تدخل من قبل وزارة الاقتصاد والتجارة، التي تكتفي بإطلاق التحذيرات. هذا فيما معظم الأسر من الطبقتين الفقيرة والمتوسطة، تعتمد اعتماداً كبيراً على المأكولات الشعبية، التي تشكل ما يقارب من 75 بالمئة من طعامها اليومي. أما في دول أخرى -كالأردن مثلاً، وهو يعاني من أزمة اقتصادية تختلف نسبياً عن الأزمة اللبنانية- فإن وزارة الاقتصاد حذرت جدياً التجار وأصحاب المطاعم، واتخذت إجراءات لعدم رفع أسعار المأكولات الشعبية، على الرغم من ارتفاع أسعار العديد من السلع الأساسية في الأردن. وأوضحت الوزارة في تقرير نشر في نهاية تشرين الأول المنصرم، أن أي زيادة على المأكولات الشعبية، تعرض أصحاب المطاعم إلى غرامة مالية، حسب وكالة الأنباء الأردنية.
المصدر : بلقيس عبد الرضا – المدن