الرئيسية - أخبار محلية و دولية - اتصالات مكثفة.. هل ينجح رئيس الحكومة في “احتواء” الأزمة مع الخليج؟… اليكم التفاصيل

اتصالات مكثفة.. هل ينجح رئيس الحكومة في “احتواء” الأزمة مع الخليج؟… اليكم التفاصيل


كتب المحرر السياسي:

منذ اللحظة الأولى لظهور “بوادر” الأزمة مع دول الخليج، يسعى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بكلّ الطرق المُتاحة والسبُل المتوافرة، إلى “إخماد” نار “التباين” الذي حصل مع المملكة العربية السعودية، رغم كلّ “التعقيدات” التي يواجهها و”العقبات” التي يصطدم بها، على المستويَين الداخلي والخارجي على حدّ سواء.

من بيروت إلى غلاسكو، حمل الرئيس ميقاتي “الهواجس” من تداعيات الأزمة المستجدّة، ليس على حكومته، ولكن على الوطن برمّته، وهو المدرك أنّ العلاقة مع دول الخليج، وتحديدًا السعودية، عضوية ولا مجال للتخلّي عنها، وهو ما دارت حوله بعض اللقاءات التي عقدها على هامش قمّة المناخ.

لكنّ رئيس الحكومة تعرّض لوابل من الانتقادات في المقابل، من جهات داخلية أرادت ربما “المزايدة”، على طريقة من يريد أن يكون “ملكيًا أكثر من الملك”. ثمّة من اعتبر أنّه كان عليه “إقالة” وزير الإعلام، رغم أنّ الدستور يضع “شروطًا” لمثل هذه الخطوة، لا تبدو متوافرة في ظلّ “تعذّر” انعقاد مجلس الوزراء منذ ما قبل الأزمة. وثمّة من ذهب أبعد ليطالب باستقالة الحكومة ككلّ، في خطوة تبقى واردة، لكنّ محاذيرها أكثر من أن تعدّ أو تحصى.

وساطة قطرية وغطاء دوليّ

في لقاءات غلاسكو، ترجِم بوضوح “نشاط” رئيس الحكومة، الذي نجح في عقد سلسلة اجتماعات في غاية الأهمية،لدعم لبنان على كل الصعد والتأكيد على استمرار عمل الحكومة. وفي بعض جوانب اللقاءات سعى لمعالجة الأزمة الناشئة مع دول الخليج، لعلّ أهمّها اللقاء مع أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي وعده بإيفاد وزير الخارجية القطري قريبًا إلى بيروت.

كما كانت لقاءات بارزة للرئيس ميقاتي مع عدد من المسؤولين الغربيين، في مقدّمهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، وقد خرج من هذه اللقاءات بقناعة أنّ “الغطاء الدولي” الذي مُنِح لحكومته لا يزال متوافرًا، وأنّ “عرّابي” الحكومة في الغرب لا يزالون متمسّكين بها، وفقًا للعناوين التي وُلِدت على أساسها، وعلى رأسها “إنقاذ” لبنان من “الانهيار” الذي زادته الأزمة الأخيرة “حتميّة”.

أكثر من ذلك، كان هناك اصرار على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، وسط خشية من أن تؤدي أي استقالة إلى “تغليب” منطق “تطيير” الاستحقاق الديمقراطي، وهو سيناريو لا شك أنّ البعض ينشده، ويبحث عن “المَخرج” الملائم له.

ما بعد العودة

بناءً على هذه الخلاصات، يعود رئيس الحكومة إلى بيروت، حيث يستعدّ لسلسلة اتصالات أخرى لمعالجة ذيول الأزمة غير المسبوقة مع دول الخليج، مع الإبقاء على كلّ الخيارات والاحتمالات واردة، بل ربما مفتوحة، فإذا كانت استقالة الحكومة غير مرغوبة ولا محبّذة، إلا أنّها تبقى على الطاولة وفق منطق “آخر الدواء الكيّ”، لا سيما إذا أصرّ البعض على مواصلة مقاربة ما يحصل بـ”برودة فائقة”، قد تبدو “مستفزّة”.

وفي هذا السياق، ورغم إدراكه أنّ تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي، التي كان الرئيس ميقاتي أول من “تبرّأ” منها، قد لا تكون السبب الحقيقيّ للأزمة، التي قال السعوديون أنفسهم إنّها “وليدة تراكمات” تعود سنوات إلى الوراء، وترتبط بما يصفونه بـ”هيمنة حزب الله على الحكم”، يرجّح عارفون أنّه لا يزال مصرًّا على أنّ “التضحية” بوزير الإعلام يمكن أن تشكّل “مفتاح الحلّ”، باعتبارها ستشكّل بادرة حسن نيّة، ولو أنّ كثيرين يعتقدون أنّها ما عادت تقدّم أو تؤخّر، وأنّ الخليجيّين أنفسهم تجاوزوها عمليًا.

لكنّ رئيس الحكومة يريد من هذه الاستقالة، إن تمّت، أن “تعبّد الطريق” أمامه للانتقال إلى الخطوات التالية، ولعلّ أقصى ما يريده في هذه المرحلة، هو موقف حكوميّ “موحَّد”، بعدما ضرب الكثير من الوزراء في الأيام الأخيرة بمبدأ “التضامن الوزاري” عرض الحائط، حتى إنّ بعض الوزراء ذهبوا بعيدًا في مواقفهم “الشعبوية”، وهو ما لم ينعكس سلبًا على موقف الحكومة فحسب، بل “شوّش” على المساعي القائمة لتجاوز المشكل إلى حدّ بعيد.

يسعى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى حلّ الخلاف القائم مع دول الخليج، وهو الذي كان يريد أن تعيد حكومته العلاقات معها إلى سابق عهدها من الوئام والانسجام، وقد حرص على أن يتضمّن البيان الوزاري بندًا واضحًا بهذا الخصوص. إلا أنّ نجاحه في هذه المهمّة “غير المستحيلة” قد يتطلّب موقفًا وطنيًا مغايرًا، يتناغم مع العنوان الذي اختارته الحكومة لنفسها منذ اليوم الأول، وهو “الإنقاذ”!.