“خذ كليتي، فعندي غيرها”! ببساطة حسمت “خديجة” الأمر، “كلية واحدة تكفيني، واحدة لك وواحدة لي”!
هي السيدة اللبنانية التي وهبت إحدى كليتيها لأخيها الشيخ محمد عمرو دون تردد. وأنقذته من بلاء قصور الكلى. لم تفكر كثيراً في الأمر، فمن جهتها القرار محسوم، وتقول ابنة الشيخ محمد، الشابة رحاب عن عمّتها “هاكُم من سِرّها التالي، “عندما سألها الطبيب أيّ كلية تريدُ أن تهب لأخيها أجابت: خذوا الكلية التي إلى الجانب الأيسر، لأنها الأقرب إلى قلبي”…وطبياً لا فرق بين الكليتين، لكن خديجة همست في دردشة عفوية مع ابنة أخيها قُبيل العملية: “بحس الأقرب للقلب أحسن وأقوى لمحمد”!
“إن الله إذا أحب عبداً ابتلاه” من هذا القول يستقي الشيخ محمد عمرو عزمه وقوته في الصبر على مرضه “القصور الكلوي”. وهو المرض الذي أصابه منذ ما يقارب السنة، حيث كان يتحتم عليه إجراء غسيل الكلى مرتين كل أسبوع بحسب ما أفادت ابنته لبنت جبيل.أورغ. وبحكم نمط حياته الذي يفرض عليه التنقل والسفر بشكل دوري، أثر المرض سلباً على حياته الإجتماعية، وأعاق تحركاته.
ومنذ بداية المرض، طرحت السيدة خديجة مبادرتها، التي كانت قاسية على الأخ، إذ استصعب فكرة قبول هبة أخته! ورفضت السيدة أيضاً أن يهب أحد إخوانها كليته بدلاً منها، فهي صاحبة المبادرة الأولى.
كانت الأخت اللجوجة تلاحق الأطباء دوماً “لتقنعهم” بإجراء العملية. وبعد مفاوضات وافق الشيخ محمد، وبدأت الإجراءات الطبية اللازمة للتأكد من إمكانية تبرعها. وتعرضت خديجة خلال المتابعة الصحية لمشكلة صحية بسيطة، إلا أنها لم تتراجع ولم تفقد عزيمتها، بل أصرت على التخلص من كل العوائق، لتهب الكلية. وبعد مراجعات ومتابعات دقيقة، صدرت النتيجة ومفادها ان هناك توافق ويمكنها أن تهب كليتها لأخيها. أجريت العملية الخميس الماضي، وتعافت السيدة خديجة، حيث غادرت السبت المستشفى. وتجري متابعة وضع الأخ الصحي، وهو بحالة جيدة.
أظهر الظرف الصعب، الذي عاشته العائلة، مكامن قوة وإرادة عند خديجة، ربما هي نفسها لم تكن تعلم بها! فالأخت الحنونة أقلعت عن التدخين، كرمى لعيون محمد، بعدما كانت تدخن منذ أكثر من 20 سنة.
ليس للمرض عمر يحدّه، فالشيخ محمد لم يتجاوز الـ54 سنة، وامتُحن ببلاء قصور الكلى، واليوم تخطى الألم الذي شاركته إياه أخته. تكللت العملية بالنجاح، وكان لخديجة وإيثارها ما أرادت، كلية لها وكلية لأخيها. وأثبتت بعطفها قولاً وفعلاً أن الكلية “بتتعوض”، ولكن ليس في الدنيا ما يُغني عن الأخوّة.
داليا بوصي – بنت جبيل.أورغ