الرئيسية - أخبار محلية و دولية - إلى اللبنانيين.. هل ستنتهي ظاهرة الطوابير بعد رفع الدعم عن المحروقات؟

إلى اللبنانيين.. هل ستنتهي ظاهرة الطوابير بعد رفع الدعم عن المحروقات؟


نشرت صحيفة “إندبندنت عربية” تقريراً جديداً تحت عنوان: “جهنم الطوابير في لبنان تنتظر رفع الدعم وإقرار البطاقة التمويلية”، جاء فيه:

في وقت رفعت وزارة الطاقة اللبنانية سعر البنزين بأكثر من 30 بالمئة اليوم الجمعة، 17 سبتمبر (أيلول)، وزاد سعر بنزين 95 وبنزين 98 بأكثر من 37 بالمئة، إلا أنه منذ أشهر عدة، وأزمة المحروقات في لبنان تزداد تفاقماً، وتزيد من معاناة المواطنين، وتشهد محطات البنزين التي تفتح أبوابها طوابير من السيارات، وآلاف المواطنين ينتظرون، ساعات طويلة، أمام المحطات، وبعضهم يبيت ليلته في سيارته أمام المحطة من أجل تعبئة صفيحة بنزين واحدة.
ولعلّ أحد أبرز الملفات الملحة الملقاة على عاتق الحكومة الجديدة معالجة أزمة المحروقات المتفاقمة، وتشير المعلومات إلى أن الخيار الوحيد المتاح هو إقرار رفع الدعم، لا سيما أن المصرف المركزي سبق وأعلن مراراً نفاد الاحتياطات النقدية التي يستطيع التصرف بها في إطار قانون النقد والتسليف لفتح اعتمادات استيراد المشتقات النفطية.

وأكد مصدر وزاري أن دعم المحروقات ينتظر أيامه الأخيرة، والقرار اتخذ ضمنياً وسيكون بنداً رئيساً على جدول أعمال الجلسة الأولى لمجلس الوزراء بعد نيل الحكومة ثقة البرلمان، الأسبوع المقبل، مشيراً إلى أن رفع الدعم سيتزامن مع إقرار البطاقة التمويلية التي تؤمن حداً مقبولاً من الأمان الاجتماعي، ومشيراً إلى وجود اقتراحات لإدخال بعض التعديلات على البطاقة وتضمينها حصة من البنزين والمازوت لتخفيف معاناة المواطنين، ولفت المصدر نفسه إلى أن المواطن يشتري صفيحة البنزين حالياً بنحو ثمانية دولارات بينما سيرتفع سعرها إلى حدود 13 دولاراً بعد رفع الدعم، وبالتالي تتراجع السوق السوداء والتخزين العشوائي الحاصل، ومعها الطوابير أمام المحطات.
إخضاع اللبنانيين

إلا أن مصدراً في المنشآت النفطية يجزم أنه لو رفع الدعم، فإن ذلك لن يعالج أزمة المحروقات حتى لو ضاعف البنك المركزي فتح الاعتمادات لاستيراد المحروقات، بسبب استمرار التهريب إلى سوريا، موضحاً أن النفط اللبناني المهرّب يباع في سوريا بنحو 25 دولاراً، في وقت لم تتخذ الحكومة أي إجراءات لضبط الحدود وإقفال معابر التهريب.

ولفت إلى أن “مشهد الصهاريج المحملة بالنفط الإيراني التي تعبر الحدود عبر المعابر غير الرسمية كفيل بكشف الطريقة التي تم بها إفراغ لبنان من نفطه، وصولاً إلى استنزاف احتياطاته من الأموال الأجنبية”.
كسر الحصار

في المقابل، أسف مصدر في “حزب الله” على اتهامه باستغلال الأزمات التي يواجهها لبنان، مؤكداً أن “الهدف الأساس من النفط الإيراني هو مساعدة الشعب اللبناني الذي سحقته السياسات الحكومية الفاشلة”، وشدد المصدر على أنه لو وضعت الدولة حلولاً لقضية المحروقات لما كان اضطر الحزب إلى البحث عن بدائل.

وأوضح أن سياسة الخضوع التي تتبعها الحكومات اللبنانية تجاه الولايات المتحدة الأميركية تتحمل جزءاً مما وصلت إليه الأمور، مؤكداً أن مبادرة الحزب لاستيراد النفط الإيراني كسرت الحصار الأميركي على سوريا ولبنان، وسجلت نصراً جديداً في سجله الذهبي.

سوق سوداء

وأدت أزمة المحروقات إلى بروز سوق سوداء نفطية، إذ بات المواطنون غير الراغبين بانتظار دورهم في الطوابير، يلجؤون إلى تجار السوق الموازية للحصول على البنزين بأسعار مضاعفة عن جدول الأسعار الرسمي الذي تصدره وزارة الطاقة أسبوعياً. وعمد بعض المواطنين إلى ترك أعمالهم مؤقتاً والعمل في تجارة البنزين التي تؤمن أرباحاً تصل إلى نحو مليون ليرة لبنانية يومياً.

وفي هذا السياق، قال عضو تجمع الشركات المستوردة للنفط، مارون شماس، إن الضبابية المعتمدة من قبل السلطة في قضية رفع الدعم تسبب إرباكاً لدى المحطات، ويسجل إقبال كثيف وازدحام، مع العلم أن معظم الأشخاص الذين كانوا يقصدون المحطات هم تجار وليسوا مواطنين بحاجة فعلاً إلى مادة البنزين، ما يخلق الإشكالات المتنقلة في المناطق، الأمر الذي دفع بنحو 90 في المئة من المحطات إلى رفض تسلم البضاعة والإقفال، في ظل الضغط والجو الهستيري السائد.

وكشف عن أن تجار السوق السوداء يتنقلون من محطة إلى أخرى، إذ فور حصولهم على البنزين يعمدون إلى إفراغ محتوى السيارة في غالونات ويتجهون إلى محطة أخرى، ويقفون في طابور جديد، ويبيعون البنزين بأسعار مضاعفة، وكشف عن أنه متى تم رفع الدعم عن سعر صفيحة البنزين من المتوقع أن يصبح سعرها 12.5 دولار.

أما في ما يتعلق بمادة المازوت، فأشار شماس إلى أنه “بعد إصدار قرار يسمح بشرائه بـ540 دولاراً لكلّ من يرغب، يمكن القول إن 70 في المئة من الأزمة حُلّت، وعمل السوق السوداء في هذا المجال تراجع كثيراً، وإذا كانت لا تزال موجودة فهي باتت تبيع طن المازوت بنحو 600 دولار بعدما كانت تبيعه بـ1500 دولار”.

نفاد المخزون

من جانبه، أكد ممثل موزعي المحروقات، فادي أبو شقرا، أن اشتداد أزمة طوابير الانتظار أمام محطات البنزين هو بسبب الشح الكبير في الاستيراد، إذ تعاني كبرى الشركات تراجعاً كبيراً في مخزون البنزين، مناشداً مصرف لبنان فتح اعتمادات عاجلة لتستطيع السفن الراسية قبالة الشواطئ اللبنانية إفراغ حمولتها.

في المقابل، أوضح عضو نقابة أصحاب المحطات، جورج البراكس، أن “القسم الكبير من محطات المحروقات رفع خراطيمه لأنه لم يتمكن من تأمين البنزين، والقسم الثاني أخذ قرار الإقفال لتفادي المشاكل التي تحصل”، وشدّد على أن “بعض المحطات لا تزال تؤمن البنزين وتود تلبية طلب المواطنين”، كاشفاً عن أن “المخزون الموجود حالياً لدى الشركات والمحطات يكفي أياماً قليلة ويُقدّر بـ40 مليون ليتر”.

الطوابير باقية

واعتبر رئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط، جورج فياض، أنه منذ نحو ثلاثة أشهر، تشتد أزمة المحروقات إلى درجة الاختناق ثم تنفرج جزئياً، من دون الوصول إلى حل جذري يضع حداً للطوابير أمام المحطات، وأشار إلى أن رفع الدعم كلياً عن المحروقات لن يعالج بسهولة أزمة الطوابير، وقال إن الشركات المستوردة ستعاني إشكاليات كبيرة في الحصول على الدولارات، لا سيما أنها تتقاضى من المواطنين العملة الوطنية، موضحاً أن الحل يكمن في أن يتولى مصرف لبنان مسؤولية تصريف المبالغ من الليرة اللبنانية إلى الدولار، أي أن تبيع المحطات المحروقات بالليرة اللبنانية مقابل أن يوفر مصرف لبنان الدولار للاستيراد مجدداً من الخارج وإن كان وفق سعر الصرف اليومي
شتاء قاسٍ

وأشارت تقارير نفطية إلى أن 3200 محطة وقود تنتشر على الأراضي اللبنانية، في حين أقفل معظمها بشكل تدريجي خلال الأشهر الماضية ولم يتبق سوى نحو 400 محطة، ووفق التقديرات الرسمية، يبلغ عدد السيارات في لبنان نحو 1.6 مليون سيارة، وبالتالي، وفي حال تمت معالجة استيراد الوقود، ولم تعد المحطات إلى نشاطها السابق، فإن أزمة الطوابير لن تتراجع.

وليس بعيداً عن البنزين، يترقب اللبنانيون قدوم موسم الشتاء بقلق، بفعل شحّ المحروقات المخصصة للتدفئة والتنقل ولمولدات الكهرباء، لا سيما في المناطق الجبلية، حيث لا يمكن الاستغناء عن هذه المادة الحيوية.