ما من جديد في التقرير السنوي للمجلس الوطني للبحوث العلمية (المركز الوطني لعلوم البحار)، الذي صدر أمس، سوى زيادة المساحات الملوثة بالقطران بسبب تسرب نفطي على السواحل الفلسطينية لم تتم معالجته تماماً.
التقرير الذي حمل عنوان «الحالة البيئية لمياه الشاطئ اللبناني»، وشارك في إعداده الدكاترة معين حمزة وميلاد فخري وغابي خلف، أشار إلى وجود 24 موقعاً بحرياً صالحاً للسباحة من أصل 36 موقعاً تم أخذ عينات منها العام الماضي على طول الشاطئ اللبناني. وقد أثبتت الفحوصات المخبرية أن هذه المواقع قليلة التلوث البكتيري والعضوي، وأن تركيز البكتيريا البُرازية فيها أقل مما هو مسموح به. وخلص إلى أن الحالة البيئية العامة لمياه هذه المواقع «جيدة» إلى «جيدة جداً» بما يسمح بالسباحة فيها وهي: طرابلس بجانب الملعب البلدي، أنفة، أسفل دير الناطور وتحت الريح، الهري – الشاطئ الأزرق، البترون – الحمى، عمشيت – الشاطئ الشعبي، جبيل – شاطئ البحصة الشعبي والشاطئ الرملي، الفيدار – أسفل جسر الفيدار، العقيبة – مصب نهر إبراهيم، البوار – شاطئ عام، الصفرا – أسفل شير الصفرا، جونيه – شاطئ المعاملتين، بيروت – عين المريسة (بين مرفأ الصيادين الجديد والريفييرا)، خلدة – شاطئ مسبح دوفيل، الدامور – شاطئ مسبح الجسر، الجية – شاطئ منتجع بانجيا، الرميلة – شاطئ مسبح هافانا، الأولي -الشاطئ شمال مصب نهر الأولي، الصرفند وعدلون – الشاطئ الشعبي، صور – شاطئ المطاعم الرملي وشاطئ المحمية الطبيعية، الناقورة – شمال مرفأ الناقورة.
أما المواقع الثمانية الملوثة بشكل كبير فإن سبعة منها لا تصلح للسباحة وملوّثة بكميات كبيرة من البكتيريا البرازية أعلى من المستويات المسموح بها، وهي: طرابلس (الميناء مقابل جزيرة عبدالوهاب والمسبح الشعبي)، جونية (المسبح الشعبي الرملي)، الضبية (جانب المرفـأ)، أنطلياس (مصب نهر أنطلياس)، بيروت (أسفل منارة بيروت وشاطئ الرملة البيضاء الشعبي). ويضاف إلى هذه المواقع السبعة شاطئ سلعاتا الشعبي الذي يعتبر مقبولاً من الناحية البكتيريولوجية، غير أن موقعه المحاذي لمعمل الكيماويات وتأثره بمخلفات هذا المعمل بشكل مباشر يجعله عرضة للتلوث الكيميائي المثبت والموثق في دراسات سابقة، ولذلك ينصح التقرير بعدم السباحة في مياه هذا الشاطئ. أما المواقع الأربعة المتبقية المصنفة «حذرة» إلى «حرجة غير مأمونة»، وتعتبر نسب التلوث البكتيري في مياهها متوسطة وتتعرض للتلوث بشكل متقطع أو ظرفي فهي: عكار (القليعات)، المنية (شاطئ رملي خاص)، البترون (شاطئ البحصة العام)، صيدا ( الشاطئ الشعبي).
الأسماك سليمة
وفي ما يتعلق بالثروة السمكية، يشير التقرير الذي اعتمد على تحليل تركيزات المعادن الثقيلة (كادميوم، رصاص وزئبق) في أنسجة ثلاثة أنواع من الأسماك المحلية (سرغوس وسردين وسلطان إبراهيم صخري)، اصطيدت في ثلاث مناطق ساحلية (طرابلس وبيروت وصور) أواخر عام 2019 وبشكل متقطع خلال عام 2020، إلى أن معدلات التركيز هي أقل من الحد الأقصى المسموح به استناداً إلى المستويات التي حددتها المفوضية الأوروبية للمعادن الثقيلة في العلف والطعام (EURL). واستنتج أن الأسماك المحلية التي يتم اصطيادها بعيداً عن مصبّات الصرف الصحي أو الصناعي سليمة وغير ملوثة وصالحة للاستهلاك.
وبالنسبة إلى الرسوبيات البحرية، أظهرت تحاليل المعادن الثقيلة (فناديوم، رصاص، نحاس وكادميوم) معدلات تركيز منخفضة تقلّ عن النسب المقبولة عالمياً، باستثناء رسوبيات منطقة الدورة البحرية التي أظهرت مستويات مرتفعة جداً من الكاديوم والرصاص والنحاس. بينما أظهرت رسوبيات منطقتي شمال صور وعكار معدلات مرتفعة من الرصاص فقط.
وبالمقارنة مع نتائج تقرير العام 2020، يمكن التحدث عن تطور إيجابي في موقع عكار (القليعات)، إذ تحسن تصنيفه بشكل طفيف من «ملوث» إلى «غير مأمون»، وموقع أنفه (دير الناطور) من «حذر» إلى «جيد جداً»، وموقع الهري (الشاطئ الأزرق) من «جيد إلى «جيد جداً»، وموقع عمشيت (الشاطئ الشعبي) من «حذر» إلى «جيد»، وموقعي الفيدار والصرفند (الشاطئ الشعبي) من «حرج» إلى «جيد».
أما التطورات السلبية فقد سُجّلت في موقع المنية (الشاطئ الرملي)، إذ تراجعت نوعية مياه هذا الشاطئ بشكل كبير وتحول تصنيفها من «جيد جداً» إلى «حذر»، وفي موقع جونية (المسبح الشعبي الرملي) تراجعت نوعية المياه من «حذر» إلى «ملوث».
يتبين مما تقدم، أنّ التلوث البكتيري الذي تم تحديده بوضوح في المواقع التي تمت دراستها، يعود بشكل رئيسي إلى مياه الصرف الصحي وعصارة المكبات الرئيسية التي تلوث مياه الشاطئ، في ظل التقصير المستمر بعدم معالجة المياه المبتذلة قبل وصولها إلى الشاطئ، أو كون القليل من محطات التكرير لا تزال في مرحلة التكرير الأولي وتعمل بشكل جزئي بأقل من طاقتها. ولا يشير التقرير إلى أي تحسن في معالجة مياه الصرف.
أما جديد التقرير هذا العام فكان إشارته إلى كارثة التلوث النفطي التي ضربت قسماً من الشاطئ الجنوبي في شهري شباط وآذار الماضيين، عندما اجتاحت الشواطئ الجنوبية كميات من القطران مصدرها سواحل فلسطين المحتلة. ولتاريخه لم تصدر أي تقارير رسمية أو دولية توضح مصدر التلوث ومسؤولية «إسرائيل» في عدم تحاشيه والتأخر بالمعالجة وإنعكاساته السلبية على الشواطئ اللبنانية! وتردّد أن التلوث نتج من تسرب نفطي من إحدى ناقلات النفط، وأدت التيارات والأمواج واتجاهات الرياح إلى دفع كميات من النفط العائم على شكل كتل قطرانية شوهدت في الناقورة وصور اعتباراً من 22 شباط 2021 وأدت إلى انتشار كميات كبيرة وبنسب متفاوتة من كتل لزجة من القطران النفطي الأسود يتراوح قطرها بين 0.5 و 50 سم على مجمل الشواطئ الرملية والصخرية الممتدة من الناقورة جنوباً حتى بيروت شمالاً.