تبدّلت إجراءات الجيش اللبناني عند الحدود الجنوبية بعد استشهاد محمد طحان عصر الجمعة الماضي، أثناء اقترابه من الشريط الشائك عند تلة الحمامص قبالة مستعمرة المطلة. تشدد لم تكن أسبابه واضحة. هل سببه حماية المشاركين في الأنشطة التضامنية مع الشعب الفلسطيني؟ أم سببه ضبط مظاهر المقاومة الشعبية المستمرة أمام أعين قوات اليونيفيل والمجتمع الدولي، ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية التي تمنّ عليه بفتات الدعم؟
تنوعت الإجراءات بين استحداث حواجز تفتيش عند كل الطرق الرئيسية والفرعية المؤدية نحو الحدود. عناصر الحواجز دققوا في هويات المارة وفتشوا بعض السيارات ومنعوا من لا يحمل الهوية اللبنانية من العبور باتجاه منطقة جنوبي الليطاني. وعند الحدود، بالتزامن مع التحركات الحاشدة التي شهدتها الحدود المكشوفة مع فلسطين المحتلة في مارون الرأس والعديسة وكفركلا، منع الجنود المشاركين من الاقتراب من الشريط الشائك. وعند جدار كفركلا، أنزلوا شباناً تسلّقوا الجدار ومنعوا آخرين من الرشق بالحجارة على الجانب المحتل.
التشدد زاد تجاه مجموعة شبان، من بينهم شاب فلسطيني، أوقفهم الجيش عصر السبت خلال التجمع التضامني بين العديسة وكفركلا. فقد علمت «الأخبار» أن الجيش أوقف خمسة شبان وهم «يحاولون تسلق الجدار الاسمنتي الفاصل بين كفركلا ومستعمرة المطلة»، بحسب مصدر أمني. وإلى مركز استخبارات الجيش في جديدة مرجعيون، اقتيد الشبان حيث أوقفوا لحوالى خمس ساعات، قبل أن يفرج عنهم قبيل منتصف ليل السبت. «الأخبار» تواصلت مع علي طحان، أحد الشبان المفرج عنهم، الذي أكد أنه وزملاءه كانوا «يرشقون كاميرات المراقبة وأجهزة التنصت الصهيونية المثبتة فوق الجدار ولم يقدموا على تسلقه». لكنه تحدث عن «سوء معاملة جسدية ولفظية تعرضوا لها خلال ساعات التوقيف الخمس». بحسب طحان، فإن المجموعة التي كان من ضمنها فلسطينيون «سمعت كلاماً مهيناً ينتقد خطوة التظاهر عند الحدود تضامناً مع فلسطين المحتلة وزعزعة الأمن اللبناني!». علي سليمان الذي كان أيضاً من ضمن المجموعة توقف عند سوء المعاملة التي تعرض لها رفيقهم الفلسطيني الذي أوقف معهم. «انتزع الضابط المحقق العلم الفلسطيني من يده وداس عليه برجليه، قبل أن يتلفظ بإهانات فوقية وعنصرية تجاهه». السخرية طالت اللبنانيين أيضاً. بحسب سليمان، «هزئ الضابط من الجامعة اللبنانية التي خرجت هكذا طلاب، بعدما علم بأننا خريجو كلية الهندسة في الجامعة الوطنية». ولفت الموقوفون إلى أنهم تلقّوا تحذيرات شديدة اللهجة من قبل الضابط الذي أوقفهم وحقق معهم، ومن بعض الجنود بـ«عدم التوجه نحو الحدود مجدداً والمشاركة بهكذا أنشطة».
بعد انتهاء التحقيق، احتجز الخمسة في نظارة التوقيف في مرجعيون، و«نزعت عن وجوههم الكمامات للوقاية من فيروس كورونا واصطفّوا مع حوالى خمسين موقوفاً في نظارة من دون نافذة». بعد ساعات، سمح لهم أحد الجنود باستخدام الهاتف الخلوي، فتواصلوا مع جهات ساعدتهم على الخروج. لكن ضباط الجيش أجبروا الخمسة على التوقيع على محضر اعتراف بأن سبب توقيفهم «تخطّي السياج الشائك بين كفركلا والعديسة».
طحان خطّ منشوراً على صفحته على موقع «فايسبوك» تناول ما حصل معه. «بينما كانت الاعتصامات تعمّ الحدود اللبنانية الفلسطينية المحتلة دعماً ونصرة لفلسطين، كان وراء ذلك مشهد مقرف ومذلّ بعيداً عن الإعلام، من ضباط وعناصر في جمهورية الموز بمنطقة مرجعيون (قاموا) بالاعتداء على المتضامنين وتدنيس العلم الفلسطيني الذي كان بحوزة أحد الشبان الموقوفين بشكل متعمد».
– جريدة الأخبار