وسط الغموض الذي ما زال يلف فيروس كورونا عالمياً، وما تبعه من مخاوف حول اللقاحات المتعددة التي أطلقتها شركات اميركية وروسية وصينية وأوروبية، والتساؤلات حول كيفية التسجيل وإدارة عملية التلقيح ومواعيد الجرعات والآثار الجانبية ما بعد أخذ اللقاح، ارتأت وزارة الصحة بقيام حملة توعية حول لقاح كورونا بهدف نقل المعلومات العلمية الصحيحة والدقيقة حول فيروس كورونا واللقاح، وذلك بالتعاون مع وزارة الإعلام، لكن أكثر ما يقلق المواطنين اليوم في لبنان، كما في كل أنحاء العالم، هو لقاح “استرازينيكا” البريطاني، والسؤال الأبرز: هل هو آمن؟
برز رأي وزارة الصحة من خلال آخر تصريح لها عبر الحساب الرسمي للوزارة عبر “تويتر” وأشارت فيه الى أنه “بعد الإطلاع على تقارير وبيانات التجارب السريرية من الدول التي استعملت لقاح “أسترازينيكا” المضاد لكوفيد-19 ، أصدرت منظمة الصحة العالمية توصية بتاريخ 19 آذار 2021 ، بـ “متابعة استخدام اللقاح بعدما أثبت قدرة عالية في الوقاية من العدوى والحد من الوفيات في جميع أنحاء العالم”.
وزير الصحة
بدوره، قال وزير الصحة حمد حسن إن منظمة الصحة العالمية والوكالة الأوروبية للأدوية ولجنة تقييم المخاطر الدوائية الأوروبية، جميعها جهات عالمية رسمية تؤكد فعالية لقاح “استرازينيكا” التي تقارب الـ80% وهي أعلى من الفعالية التي أُعلن عنها سابقاً، وذلك في ضوء نتائج تلقيح حوالى عشرين مليون شخص في العالم، مشيراً الى أن الشحنة التي ستصل الى لبنان ستضم ثلاثة وثلاثين ألفاً وستمئة جرعة (33600) وستستهدف ابتداء من الأول من نيسان المقبل، شريحتين لم تكونا مشمولتين في السابق هما: القطاع التربوي ولا سيما أساتذة التعليم الثانوي والفريق الإداري المعني بالمرحلة الثالثة من الشهادة الثانوية، والفئة العمرية الناشطة والمنتجة بين خمسة وخمسين وخمسة وستين عاماً (56-65)”.
البزري
من جهته، رأى رئيس اللجنة الوطنية للقاحات الدكتور عبد الرحمن البزري في بيان، أن “البدء باستخدام لقاح إسترازينيكا هو خطوة جيدة من أجل تلقيح شريحة أوسع من المواطنين، ويعطي مرونة إضافية للحملة الوطنية للتلقيح ضد الكوفيد-19″، مشيرا الى أن “مواصفات عملية التلقيح والشروط العلمية المناسبة والموافقة على مصادر اللقاح تمت بأسلوب علمي من قبل اللجنة الوطنية والعلمية، إلا أن توزيع مراكز اللقاح وآلية توزيعها على مختلف المناطق لم تستشر بها اللجنة الوطنية”. ودعا المواطنين إلى “التسجيل في المنصة من أجل الحصول على لقاحات سليمة وآمنة وفعالة يؤمنها القطاع العام وهي فايزر واسترازينيكا”.
ولكن وفي تصريح سابق، أكد البزري أن الشركة المصنعة للقاح “أسترازينيكا” لا تحترام وعودها، حيث كان من المتوقع ان يستلم لبنان حتى الآن ما بين 700 و 800 ألف جرعة من اللقاحات بينما العدد الذي تلقاه لبنان لا يتعدى الـ 300 ألف جرعة. كما اتهم الاتحاد الأوروبي أسترازينيكا بعدم الوفاء بالتزاماتها، وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين، إن شركة أسترازينيكا يجب أن “تفي بالمتأخرات” من دُفعات اللقاح للاتحاد الأوروبي، قبل تصديره لوجهات أخرى.
وكانت أفادت منظمة الصحة العالمية بأنه في 24 آذار، وصلت 33,600 جرعة من لقاح أسترازينيكا ضد كـوفيد-19 من خلال مرفق كوفاكس من هولندا إلى بيروت عبر دبي. وهذه أول شحنة من اللقاحات تصل إلى لبنان عبر مرفق كوفاكس. ومن المتوقع وصول الدفعة الثانية (130 ألف جرعة) في بداية شهر نيسان.
الصحة العالمية في تصريح حاسم
بدورها، أرسلت منظمة الصحة العالمية رسالة لأي دولة لديها مخزون من لقاح “أسترازينيكا” المضاد لكوفيد-19 لكنها مترددة بشأن استخدامه قالت فيها: اعطونا اللقاح، لدينا كثيرون ممن سيأخذونه.
وقال د. بروس ايلوارد، وهو مستشار خاص للمدير العام للمنظمة، للصحافيين إن الدول التي ترغب في نشر لقاح أسترازينيكا “مهتمة جدا” بالحصول عليه، ومن بينها دول مشاركة في برنامج “كوفاكس” المدعوم من الأمم المتحدة ويهدف إلى نشر اللقاحات في دول هي في أمس الحاجة إليها سواء كانت غنية أو فقيرة.
وأوضح أن “المشكلة ليست في ضعف الطلب، على العكس تماما. إن كانت هناك أي دول لديها مخاوف أو لا تستخدم لقاحا بشكل كامل … فلتجعله متاحا لكوفاكس لأن لدينا قائمة طويلة من الدول المهتمة جدا جدا باستخدام لقاح أسترازينيكا”.
وأضاف قائلا “إننا ببساطة لا يمكننا الاكتفاء منه”، كما قال إن النتائج الإيجابية للتجارب السريرية على اللقاح في الولايات المتحدة وتشيلي وبيرو “منحتنا ثقة جديدة وطلبا على اللقاح”.
هل هو مضر للنساء؟
من جهة أخرى، وفي الـ24 ساعة الماضية، برز خبران لا يبشران خيراً حول اللقاح. الاول من المانيا، حيث أعلنت وكالة الأدوية الألمانية استلامها 21 تقريراً عن حالات من التجلط الدموي تخصّ أشخاصاً تلقوا مؤخراً لقاح أسترازينيكا المضاد لكوفيد-19. وقال معهد بول إيرليش (الوكالة) في رسالة بريدية كتبها أحد مسؤوليه لوكالة أسوشييتد برس إن 7 أشخاص ماتوا بسبب جلطات دموية بعدما تلقوا اللقاح.
لكن المعلومة الأبرز، تكمن في أنه ولأول مرة، تشير الأرقام الى علاقة بين الآثار الجانية للقاح والنساء بشكل خاص. وذكر المعهد بأن 19 من المصابين من النساء، وإن أعمارهن تراوحت بين 20 و63 عاماً، ورجلين يبلغ عمرهما 36 و57 عاماً، في الفترة التي وزرعت خلالها أول جرعة من اللقاح وبلغت أعدادها 2.27 مليون جرعة.
أما في كندا، فقد أوصت اللجنة الاستشارية الوطنية الكندية للتحصين بتعليق منح لقاح “أسترازينيكا” المضاد لكوفيد-19 للأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 55 عامًا لأسباب تتعلق بالسلامة.
وقال الدكتور جوس رايمر من فريق عمل اللقاحات بمقاطعة مانيتوبا إنه رغم اكتشاف عدم وجود زيادة في خطر الإصابة بجلطات دموية مرتبطة بشكل عام بلقاح أسترازينيكا في أوروبا، فقد لوحظ أثر جانبي نادر ولكنه خطير للغاية في المقام الأول لدى النساء الشابات في أوروبا.
وتابع رايمر قائلا “لذا بدافع الحذر الشديد، ستوصي مانيتوبا باستخدام هذه اللقاحات فقط للأشخاص الذين يبلغون من العمر 55 عامًا أو أكبر في هذا الوقت. أريد أن أقول إن هذا توقف مؤقتًا بينما ننتظر المزيد من المعلومات لفهم أفضل لما نراه في أوروبا”.
وكانت حادثة الجلطات الدموية في الدماغ، وهي غير اعتيادية بالنسبة لتجلّط الدماء، قد دفعت بعدة دول أوروبية إلى تعليق استخدام اللقاح، إلا أن الوكالة الأوروبية للدواء أصدرت تقييمها للقاح في وقت سابق، وقالت إنه آمن وفعال، ما دفع ببعض الدول إلى إعادة استخدامه، فيما تنتظر أخرى، منها الدنمارك، التي قالت إنها تدرس الروابط المحتملة بين اللقاح والتجلط الدموي.
وكانت شركة “أسترازينيكا” خفضت فعالية لقاحها المضاد لكورونا إلى 76%، في تحليل جديد لتجربتها في أميركا، وهي نسبة تقل عن المعلنة هذا الأسبوع في تقرير واجه انتقادات لاستخدامه معلومات قديمة.
وفيما أعلنت وفي وقت سابق وكالة الأدوية الأوروبية إنها ما زالت على قناعة بأن فوائد لقاح أسترازينيكا المضاد لكورونا تفوق مخاطره، وقالت رئيسة الوكالة إيمير كوك بأنه ” لو كان الأمر بيدي لتلقيت التطعيم غداً”، تعقد هيئة مراقبة الأدوية الأوروبية EMA اليوم الإثنين، اجتماعا إضافيا بحضور خبراء، لمواصلة التحقيق في حالات تخثر الدم، لدى بعض الذين تم تطعيمهم بلقاح “أسترازينيكا” المضاد لكوفيد.
وستحضر اللقاء، مجموعة من المختصين بأمراض الدم، والقلب والأوعية الدموية، والأمراض المعدية، ومن المختصين في علم الفيروسات، وعلم الأعصاب، والمناعة وعلم الأوبئة.
وخلال الاجتماع، سيطرح الخبراء وجهات نظرهم حول الآلية المحتملة لعمل اللقاح، وعوامل الخطر المحتملة، وسيجري الحديث عن البيانات الإضافية اللازمة لفهم الأحداث التي تم تسجيلها والمخاطر المحتملة.
وسيتم الإعلان عن نتائج هذا اللقاء، في الاجتماع العام لهيئة EMA المقرر في نيسان.
المصدر: خاص “لبنان 24”