ما كان ينقص اللبناني سوى العتمة حتى تكون المصائب قد اكتملت في وجهه، لا سيما بعد ان أطفأ معمل الزهراني بسبب نقص مادة الفيول وبات معمل دير عمار على الطريق خصوصاً وان مخزونه يؤدي فقط الى 4 أيام. ويأتي كل ذلك عشية جلسة تشريعية تعقد اليوم من المتوقع أن تقر سلفة 200 مليون دولار للكهرباء لشراء الفيول اويل، في حين ترددت معلومات ان تعذر عبور السفن من قناة السويس باتجاه شرق المتوسط، واحتجاز هناك باخرة محملة بالمحروقات إلى لبنان، في وقت، يستمر الخلاف حول مواصفات محمولات نفطية لباخرتين ترسوان قبالة شاطئ الزهراني منذ أيام.
هذا في الشأن الكهربائي، أما حكومياً، لا يبدو في الأفق أي حل للأزمة رغم كل الحراك الدبلوماسي الذي شهدته الساحة اللبنانية في الأيام الماضية على المستوى العربي والغربي، التي لم تحمل، أي مبادرة لحل الازمة الحكومية إنما اقتصرت على دعوة المسؤولين اللبنانيين الى المسارعة في إنقاذ الوضع وضرورة التفاهم على تأليف حكومة قبل فوات الأوان، بحسب “البناء”. في حين لفتت مصادر “نداء الوطن” إلى أنّ “الضغط الدولي يقتصر على المواقف التحذيرية من مغبة الإمعان في العناد السياسي واستنزاف الوقت والفرص، وسط تقاطع الرسائل الديبلوماسية عند التشديد على أنّ الكرة هي في ملعب القيادات اللبنانية نفسها دون سواها”، مع الإشارة إلى أنّ “الأسبوع الحالي سيشهد المزيد من اللقاءات الديبلوماسية والسياسية في قصر بعبدا وسواه، ومن غير المستبعد أن ينتج عن هذه اللقاءات مزيد من الوضوح في صورة المشهد الحكومي”.
مبادرة الرئيس بري على الطاولة
وسط هذه الأجواء، تتجه الأنظار الى المبادرة التي قد يخرج بها رئيس مجلس النواب نبيه بري عقب اللقاء الذي جمعه والرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري في عين التينة، قبيل توجه الأخير الى الصرح البطريركي في بكركي للقاء البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، ، وكشفت المصادر لـ”نداء الوطن” أنّ “اللقاء الذي بري والحريري تمّ في خلاله عرض العقبات التي تعترض المسار الحكومي”، لافتةً إلى أنّ “بري عمد إلى طرح سلسلة من الأفكار القابلة للتسويق، مع ميل واضح لديه لتبني ذهنية “التسوية” التي طرحها رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، بما يقتضي توسيع التشكيلة الوزارية، مع تفضيل حكومة من 24 وزيراً خالية من الثلث المعطل وتضم أكبر شريحة تمثيلية للأحزاب بشكل يؤمن تغطية سياسية للقرارات الصعبة التي ستتخذها”.
في المقابل، استبعدت مصادر متابعة لعملية تشكيل الحكومة الجديدة عبر”اللواء” تظهير اي صيغة لحكومة تكنوسياسية كما يتم التداول فيها اعلاميا باعتبارها تشكل مخرجا من مأزق الأزمة الوزارية وقالت انه سبق أن طرحت مثل هذه الصيغة وسقطت لانها اولا تتعارض مع مضمون المبادرة الفرنسية وثانيا لانها تشكل استنساخا لصيغ حكومات الوحدة الوطنية السابقة التي فشلت فشلا ذريعا ولم يعد بالامكان تكرار تجارب فاشلة من جديد. وشددت المصادر على ان أي حكومة جديدة تتعارض مع مضمون المبادرة الفرنسية او تلتف عليها بشكل ما، لن تلقى تجاوبا من المجتمع الدولي لمساعدة لبنان على حل الازمة المالية ولن تستطيع القيام بالاصلاحات المطلوبة، وستكون شبيهة بحكومة حسان دياب المستقيلة التي بقيت تدور حول نفسها، وفشلت في مقاربة الازمة المالية والاقتصادية ولم يقابلها المجتمع الدولي بانفتاح وايجابية. وكشفت مصادر سياسية مطلعة لـ”اللواء” أن مبادرة رئيس مجلس النواب لا تزال أفكاراً ولم تتبلور وبالتالي لم تصبح في صيغة المبادرة مشيرة إلى أنه في الأساس تحدث بها النائب السابق وليد جنبلاط وقد فاتح رئيس الجمهورية بفكرة ال ٢٤ وزيرا وزار لاحقا الرئيس بري الذي لم يمانعها ولكن ليس هناك من هيكلية مبادرة حقيقية وكاملة كي تعرض على احد وهي لا تزال في إطار الكلام الإعلامي. اما مصادر مقربة من رئيس الجمهورية فأكتفت بالقول إن أي طرح رسمي لم تتبلغه بعبدا بعد.
الى ذلك لفتت مصادر مواكبة لـ”اللواء” إلى أن موضوع توسيع الحكومة كان في صلب اعتراض الرئيس المكلف وسألت هل انتفت أسباب الاعتراض حتى يعود ويقبل بها الرئيس الحريري معربة عن اعتقادها أنه ربما هذا الطرح في حال ترتيبه قد يشكل مدخل التسوية المطلوبة ولذلك هناك ترقب للتحركات المقبلة وكيفية بلورة هذه الأفكار وكيفية القبول بها من المعنيين والاسس المرافقة لها .
الاّ انه حتى الساعة، وبحسب “النهار” لم تبرز أي مؤشرات حيال تحرك أي وساطة داخلية جديدة في ظل الواقع الشديد التوتر الذي نشأ عقب انفجار الخلاف بين الرئيسين عون والحريري والذي لن يكون سهلاً ابداً القفز فوق تداعياته لمحاولة احياء أي وساطة داخلية قبل تبريد المناخ التصعيدي.