يحتار اللبناني في هذه الايام من اين يتلقى الضربات، لا بل يحتار الى اي مشكلة يوجه اهتمامه. فالازمات الحياتية المتتالية، من الخبز والبنزين الى المواد المدعومة، وصولا الى أخبار “كرتونة البيض”،
تضعه في حيرة من امره، ليبقى السؤال، هل باتت أقصى اهتماماتنا البحث عن أسعار المواد الغذائية والسلع التجارية؟ وهل من المنطق ان يتحوّل اللبناني الى باحث ولاهث وراء المواد والادوية، التي تقع في دائرة الخطر من ناحية اسعارها او توفرها؟
قد نكون فعلا امام ازمة اقتصادية واضحة المعالم، تشكل بحد ذاتها خطرا على 60% من اللبنانيين بحد ادنى، لكن الخطورة الاكبر تكمن في تحويل انظار اللبنانيين وحصر اهتماماتهم بالمأكل والمشرب والتسابق على المواد المدعومة،
لا بل الاخطر يتمثل في تحويل وجهة الازمة اللبنانية، فتمسي مواجهة بين المواطن واصحاب العمل، كالمواجهات الكثيرة بين الناس والسوبرماركات، وبين الزبائن وتجار اللحوم على سبيل المثال لا الحصر، علما ان التجار على انواعهم، يحاولون الاستفادة بطريقة او باخرى من الازمة القائمة، ولكن وعلى الرغم من هذا يبقى اتجاه المشكلة في مكان آخر.
فاللبناني أمام دولة عاجزة وغير قادرة، او دولة ناهبة لامواله وحقوقه بشكل مباشر وصريح، وفي الحالتين يجب ان يعلم ان مشكلته تكمن في تصويب اداء هذه الدولة، لكن وحتى نصل الى هذا التصويب، البعيد المنال على ما يبدو، ماذا عن “كرتونة البيض”، التي جعلوها قضية نناقشها ونكتب عنها؟
في هذا المجال يتحدث رئيس النقابة اللبنانية للدواجن، موسى فريجي لـ”لبنان 24″ و يقول:” لا مسؤولية واضحة لطرف معين حول الارتفاع الحاصل في سعر كرتونة البيض. ما يمكن الحديث عنه، هو ان كل ما يتعلق بانتاج البيض كان في السابق يخضع للاسعار المدعومة، ووزارة الاقتصاد بالتعاون مع وزارة الزراعة قامتا بتثبيت سعر كرتونة البيض على سعر 14 الف و 500 ليرة مسلمة الى المواطن،
المشكلة بدأت منذ السادس من شهر كانون الثاني 2021، اذ قامت الدولة برفع الدعم على مختلف المواد كالاميات، الفيتامنات، المركزات وغيرها، لتبقيه فقط على الذرا والصويا. وهنا، بدأت تظهر المعاناة في قطاعنا، اذ اصبحت كلفة انتاج كرتونة البيض على المزارع مرتفعة، فاصبحنا نسلمها الى التجار بسعر 18000 ليرة”.
وعن توافر كرتونة البيض بسعر 40 الف ليرة في بعض السوبرماركات يؤكد فريجي ان “المزارع تسلمها بسعر 18 الف لتجار الجملة، الذين يضعون هامشا من الربح يصل الى 10 %، اما هامش الربح الذي يحدده تاجر المفرق فلا علاقة لنا به. من هنا مازالت الكثير من المحال تبيع الكرتونة على سعر 24 الف ليرة، اما الذين يبيعونها على سعر 40 الف ليرة، فهنا لا بد من ان تتدخل وزارة الاقتصاد للجم التفلت الواضح عند مجموعة كبيرة من التجار”.
وبما يخص حملة مقاطعة البيض، يشير فريجي الى انه “يجب على الناس ان تميز، حتى توجه صوتها الى المكان الصحيح، اذ ان هذه الحملة موجهة ضد المزارع الذي يعاني كغالبية اللبنانيين، لا بل اكثر منهم. وهنا، ومع التأكيد على عدم موافقتنا على الاسعار الحالية لكرتونة البيض، لا بد من الاشارة الى القيمة الغذائية لهذا المنتوج. فكل بيضة تحتوي على ستين غرام من البروتايين، اي ما يعادل ربع ليتر من الحليب، وربع ليتر الحليب يبلغ سعره 2500 ليرة،
في حين ان البيضة الواحدة على سعر 40 الف للكرتونة لا تتخطى الالف ليرة لبنانية”.
وعن قدرة القطاع على الاستمرار يقول فريجي “ان القطاع وعلى الرغم من كل الظروف ما زال يحقق هامشا مقبولا من الربح، لكن المشكلة الحقيقية ستظهر اذ ما اقدمت الدولة على خطوة رفع الدعم الكلي عن الذرا و الصويا”.
يذكر ان ناشطين كانوا قد اطلقوا حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان “خلوها تفقس”، احتجاجا على ملاسمة سعر كرتونة البيض ال 40 الف ليرة لبنانية.