فجأة وبسحر ساحر فتحت الطرقات وأزيلت السواتر والدواليب المحروقة، وعادت الحياة الى شكلها الطبيعي، على وقع الارتفاع المستمر بسعر صرف الدولار وسعر صفيحة البنزين، وما عليه من مواد أخرى مرتبطة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
وتوقعت أوساط سياسية لـ”البناء” أن تبقى حالة التوتر في الشارع الى أمد طويل حتى التوصل الى تسوية سياسية تنتج حلاً حكومياً وتبدأ عملية حل الأزمات المتعددة.
ومن هنا، بدا الملف الحكومي يراوح مكانه، على وقع الحركة المستجدة للمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم. فوحده اللواء ابراهيم مهتم بهذا الملف الذي غاب كلياً عن طاولة اجتماعات الرؤساء الثلاثة أمس. فعودة الرئيس المكلف سعد الحريري الى بيروت لم تقترن امس باي حركة تنبئ بكسر القطيعة بين بعبدا وبيت الوسط على رغم ان اوساطا عديدة ترقبت امكان قيام اللواء ابرهيم بزيارة لبيت الوسط ولقاء الرئيس الحريري، لاطلاعه على صورة المخرج الذي يعمل عليه لحل معضلة تأليف الحكومة الجديدة.
وفي هذا السياق نقلت مصادر مطلعة عن مراجع سياسية لـ “الديار” امس ان الثماني والاربعين ساعة المقبلة ربما تحمل تطورات تبلور الصورة اكثر في شأن هذه المساعي، لكنها استدركت قائلة ان الجهود التي تبذل غير مرتبطة بروزنامة محددة بالساعات، ويفترض ان تأخذ مداها بلقاءات واتصالات يتولاها اللواء ابراهيم مع المراجع والاطراف في الساعات والايام القليلة المقبلة.
وبحسب “النهار” فانّ الرئيس لحريري لم يتبلّغ رسميّاً حتى مساء امس أيّ مبادرة في هذا السياق، مع الإشارة إلى أنّ لقاءً كان جمعه باللواء ابرهيم قبل نحو أسبوعين وجرى فيه تداول المستجدات السياسية على نحو عاديّ؛ لكن لم تكن قد وُلدت حينذاك أيّ تفاصيل حول مبادرة لا تزال بالنسبة إلى “بيت الوسط”، لا تحمل صفة رسميّة حتى الآن، بل يتمّ التعبير عنها في المجالس السياسية، فيما تجدر الإشارة إلى أنّ جدول أعمال الحريري لم يكن يتضمن امس أيّ لقاء مرتقب مع ابرهيم.
وقد أجمعت مصادر “اللواء” على ان مشكلة تكمن في حقيبتي الداخلية والعدل وحول من يسمي ويوافق الاخر على الاسم. وهو امر قابل للحل بالتوافق اذا جلس الرئيسان في جلسة حوار صريحة وجدية ونوايا طيبة لإنقاذ البلد، معتبرة أن أي لقاء بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف لم تنضج ظروفه بعد دون أن يعني أنه ليس مرجحا خصوصا إذا كان البحث سيتصل بطرح حكومي معين لكن ذلك غير واضح بعد.
وفي هذا المجال ايضا لم يستبعد مصدر مطلع في كتلة الرئيس بري لـ “الديار” ان تتبلور الامور في غضون هذا الاسبوع لكن لا يمكن التكهن بالنتائج، مشيرا الى انه يجري الحديث عن افكار ومقترحات وهي ترتكز اصلا الى ما طرحه الرئيس بري في مبادرته الاخيرة.
رواتب العسكريين
وبعيداً عن الملف الحكومي، برز الحديث أمس عن زيادة قدرها مليون ليرة لبنانية لجميع أفراد السلك العسكري، وعلمت ” النهار” ان اقتراح القانون المعجل المكرر الذي قدمه النائب علي حسن خليل باعطاء دفعة مالية لكل ضباط وعناصر القوى الامنية لم يجر تنسيقه مع وزارة المال والرئيس حسان دياب. واستغربت كتل نيابية عدة طرح خليل مؤكدة بأنها ستتصدى له في حال وصوله الى الهيئة العامة “ولا سيما انه جاء بطريقة غير مدروسة. وستكون له مفاعل خطيرة وكارثية في حال أخذ طريقه الى التطبيق وحسنا فعل الرئيس نبيه بري بعدم وضعه على جدول اعمال الجلسة العامة غدا الجمعة”.
ويرفض نواب هذا الاقتراح من منطلق انه يميز العسكريين رغم التضحيات التي يبذلونها عن الموظفين في القطاع العام بالإضافة الى ان الخزينة ليست قادرة على تقديم مثل هذه الهدايا.
وعلى قاعدة “ظلم في السوية عدل في الرعية”، فجّر اقتراح خليل فتيل المطالبات بزيادة الأجور للعاملين في مختلف القطاعات والإدارات العامة، وعلمت “نداء الوطن” في هذا الإطار أنّ المستخدمين في المستشفيات الحكومية يتجهون إلى إعلان الإضراب لمواجهة أي قانون يقتصر على الأسلاك العسكرية ويستثنيهم من زيادة غلاء المعيشة. وكذلك أعلنت رابطة موظفي الإدارة العامة نيتها الإضراب العام في كل الإدارات غداً بالتزامن مع انعقاد الجلسة العامة النيابية، على أن تعلن إضرابها المفتوح ابتداءً من الاثنين المقبل في حال لم تنتج الجلسة زيادة بقيمة مليون ليرة لجميع الموظفين من دون استثناء”…