أكثر من مشهد خطف الأنظار أمس عن الملف الحكومي، ما خرج به وزير الطاقة في حكومة تصريق الأعمال ريمون غجر من قصر بعبدا، معلناً عشية الجلسة النيابية اليوم، اننا “ذاهبون إلى العتمة الشاملة نهاية الشهر الجاري، وستكون لذلك عواقب كارثة على مختلف القطاعات”، وإعلان وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال أن الأمن في البلد بدأ بالتلاشي، والبلد مفتوح على كل الاحتمالات، فالمنظومة الأمنية مرتبطة بالمنظومة السياسية، إضافة الى الاجتماع الذي عقد بين وزراء خارجية فرنسا وألمانيا ومصر والأردن، تطرق إلى الوضع الآيل إلى الانهيار في لبنان.
هذه المشاهد جميعها إضافة الى استمرار ارتفاع الاصابات بفيروس كورونا، والملف الحكومي المعقدة باتت تأسر اللبناني في يومياته، بانتظار على ماذا سيرسو الحل وكيف ستكون النهاية.
الحكومة في الانتظار
اذاً لا يزال الملف الحكومي على طاولة الأخذ والردّ، ولم تؤد الاتصالات الجانبية غير المعلنة بمجملها الى اختراق الجمود الذي يلف عملية التشكيل ومنه لقاء الرئيس المكلف مع النائب علي حسن خليل قبل يومين واستناداً الى مصادر متابعة لـ”اللواء” لم تؤكد معظم الاطراف السياسيين اطلاعها على ماتردد اعلاميا على نطاق واسع، من مبادرة يسوق لها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم لحلحلة الازمة، كذلك لم تتبن اي جهة المبادرة المحكى عنها علنا. بينما وصفت المصادر كل ما يحكى بهذا الخصوص بانه مجرد سيناريوهات اعلامية لاستهلاك مزيد من الوقت دون جدوى، في حين لاتزال عقد التشكيل عند حالها والتشكيلة الوزارية ماتزال موجودة لدى رئيس الجمهورية،ولم يطرأ اي جديد حول هذا الموضوع.
وعلمت “الأخبار” أن مسعى الرئيس نبيه برّي يتركّز على فكرة تأليف حكومة من 20 وزيراً، لا يحظى فيها أي فريق بالثلث زائداً واحداً، على أن يتم اختيار الوزير الدرزي الثاني بالتوافق بين النائب السابق وليد جنبلاط والنائب طلال أرسلان (وهو ما بات الأول منفتحاً عليه)، وأن تكون حقيبة الداخلية من حصة الحريري، و”العدل” من حصة رئيس الجمهورية.
ووفقا لزوار “بيت الوسط” لـ”الديار” لم يحسم الحريري بعد التخلي عن الداخلية، وهو يشير الى ان منح عون تسمية وزير الداخلية يلقى معارضة دولية وإقليمية، لما لهذا الوزير من صلاحيات مباشرة على قوى الأمن الداخلي، وعلى فرع المعلومات بشكل خاص، فهو يحظى باهتمام خارجي نتيجة الادوار المناطة به امنيا، وما حصل مؤخرا مع اللواء عماد عثمان مؤشر سلبي، يضع اكثر من علامات استفهام حول المخاطرة بتكليف وزير “غير موثوق” في “الداخلية”.
وسط هذه الأجواء، لفتت “النهار” الى ان الأجواء الفرنسية تفيد بان الرئيس الفرنسي ماكرون ما زال عازما على القيام بزيارة ثالثة للبنان ولكن لا يمكن أن يقوم بها من غير توافر ضمانات لتحقيق تقدم قد يشكله تاليف حكومة لم يتمكن حتى الان الرئيس المكلف سعد الحريري من التوافق عليها مع رئيس الجمهورية.
وقال وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان لـ”نداء الوطن”: “الوقت قصير جداً قبل الانهيار، وعلى السلطات اللبنانية أن تستلم زمام المبادرة في تقرير مصير بلدها، علماً أنّ الأسرة الدولية بأسرها تنظر بخوف وقلق إلى التأخير في تنفيذ ذلك، فإذا انهار لبنان سيكون ذلك كارثة للبنانيين أولاً، وأيضاً للاجئين الفلسطينيين والسوريين، وكارثة للمنطقة بأسرها، لكن في النهاية لا يمكننا أن نحلّ مكان القوى السياسية اللبنانية التي هي مسؤولة، ومن المهم العمل قبل فوات الأوان”.
جلسة نيابية
إلى ذلك، يعقد مجلس النواب عند الواحدة والنصف من بعد ظهر اليوم جلسة تشريعية في قصر الأونيسكو وعلى جدول أعمالها ثلاثة بنود هي: مشروع القانون المتعلق بإبرام اتفاقية قرض بين لبنان والبنك الدولي للانشاء والتعمير لدعم الابتكار في مشاريع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم. وطلب الموافقة على إبرام اتفاقية قرض بين لبنان والبنك الدولي لتنفيذ المشروع الطارئ لدعم شبكة الأمان الاجتماعي للاستجابة لجائحة كورونا والأزمة الاقتصادية. واقتراح قانون يرمي إلى الإجازة للحكومة تعديل الاتفاقية المجاز إبرامها بموجب القانون رقم 180 تاريخ 12 حزيران 2020.
وبحسب “النهار” فان جهات نيابية معارضة للعهد وتياره السياسي تلقفت التطور “المكهرب” في البلاد ودعت الى استلحاق بند طلب السلفة المالية العاجلة في جدول الاعمال شرط ان يتيح رئيس مجلس النواب نبيه بري فتح النقاش في ملف الكهرباء على الغارب لمكاشفة الرأي العام في كل الكوارث والفضائح التي أوصلت القطاع الأبرز الى قعر الانهيار.
وإذا كان اقتراح سلفة الكهرباء لن يجد طريقه إلى جلسة اليوم، فإن مصادر مطّلعة تؤكّد أن الاقتراح المعجل المكرّر الذي قدّمه النائب علي حسن خليل، أول من أمس، ويطلب فيه إعطاء زيادة مؤقتة على رواتب الأجهزة الأمنية والعسكرية دوناً عن الموظفين المدنيين، بقيمة مليون ليرة، لن يكون بعيداً عن المصير نفسه.
وبحسب ما تردد، وبعدما تبيّن أن مجرد طرح الاقتراح في الجلسة ستكون له تداعيات كبيرة، توقّعت مصادر مطّلعة أن لا يعرضه الرئيس نبيه بري من خارج جدول الأعمال. لكن لأن لا شيء رسمياً بانتظار انعقاد الجلسة، فإن موظفي الإدارة العامة حافظوا على موعد الإضراب التحذيري اليوم، على أن يتقرر في ضوء الجلسة ما إذا كانوا سيستمرون بالإضراب المفتوح المقرر الاثنين.